أ.د.عثمان بن صالح العامر
هذا ليس خبراً صحفياً أسجّل فيه سبقاً لغيري في هذه الزاوية التي تُولي جلّ اهتمامها لكل ما هو وطني «الحبر الأخضر»، ولا هو تسريب لنقاش دار تحت قبة الشورى أو داخل أروقة مجالس جامعاتنا السعودية أو في اجتماع عمداء السنة التحضيرية الدوري، ولا حتى توجيه سيادي ملزم سيصدر عمّا قريب، ولا نقاش مجتمعي في عالمنا الافتراضي، ولا ... وإنما هو مجرد مقترح شخصي أطرحه هنا وفي هذا الوقت بالذات، علّه أن يحظى بالعناية والاهتمام، ويخضع للدراسة والتشخيص من قِبل عمداء السنة التحضيرية ومتخذي القرار في جامعاتنا السعودية، ومن ثم الاعتماد والتعميم الفوري على مديري الجامعات من قِبل معالي وزير التعليم قبل بداية العام، تحقيقاً للمصلحة الوطنية الناجزة والمؤكدة.
يدفعني لطرح هذا المقترح خمسة أسباب هي بإيجاز:
* أن المرشّح لتنفيذ هذه الرؤية واقعًا معيشاً في حياتنا اليومية، هم الشباب والفتيات الذين هم اليوم طلابٌ وطالباتٌ في جامعاتنا السعودية غالباً، وهذا يتطلب منهم وعياً كاملًا بجميع مفردات ومفاصل هذه الرؤية الواعدة لمستقبل سعودي زاهر.
* أنّ الجامعات من خلال المواد الدراسية والأنشطة الجامعية هي من أقوى منافذ التوعية والتثقيف، ولذا يعوّل عليها كثيراً في بناء جيل مدرك لمسئوليته الوطنية التي تتجاوز دائرة التخصص الضيِّق إلى أفق المواطنة الصالحة الفاعلة والمتفاعلة مع معطيات العصر، والمحافظة في الوقت ذاته على ثوابت الانتماء ومحددات الولاء الديني والوطني.
* أنّ تسكين هذه المادة في السنة التحضيرية التي يدرس فيها جميع طلاب وطالبات الجامعات بلا استثناء، سيجعل أبناءنا وبناتنا على علم بمحددات هذه الرؤية من أولى خطواتهم العلمية في سلّم الدراسة الجامعية، وهذا يتيح لهم تحديد مسارهم المستقبلي على ضوء الرؤية، وما يملكون من مهارات وقدرات، وما يحصلون عليه من نسب ودرجات.
* أنّ في الرؤية معلومات دقيقة ورؤى عميقة تحتاج إلى تبصُّر ونقاش ومباحثة وحوار، وهذا يحتاج إلى قاعة دراسية ينبري للتدريس فيها أكاديمي سعودي مشهود له بالتميز العلمي والمواطنة الصالحة الصادقة، والمعرفة العميقة بعلم المستقبليات والدراسات الاستشرافية، حتى يتسنى له إيصال الرسالة التي تحملها الرؤية للجيل، ويتحقق التفاعل الشبابي الواعي مع هذه الرؤية السعودية الشاملة بكل مهارة واحتراف، وهذا لا يعني التقليل من شأن ما يُبذل من جهد في سبيل التوعية بالرؤية من قِبل السياسيين والاقتصاديين والإعلاميين والمثقفين وغيرهم، ولكن على الأكاديميين في جامعاتنا السعودية مسئولية مباشرة في بناء جيل سعودي يحمل على عاتقة هَمّ قادم الأيام، بعد التوكل على الله وطلب المدد والعون منه سبحانه، والرؤية هي خارطة الطريق التي يجب أن يدرسها جيداً من سيجعلها واقعاً معيشاً في مفاصل حياتنا اليومية من خلال تنفيذ مشاريعنا التنموية الطموحة، وتطبيق سياساتنا المستقبلية الواعدة.
* أنّ في جامعاتنا الحكومية والأهلية على حدٍّ سواء، تخصصات ومواد هي في وادٍ والرؤية السعودية 2030 في وادٍ، والتغيير في هذه المنظومة الأكاديمية المعقدة يحتاج إلى وقت وجهد ومال، وربما أنّ السنة التحضيرية - بما لها من خصوصية معروفة - تسمح بسهولة إدخال هذه المادة وما ماثلها من مواد وطنية مهمة مع بداية العام الجامعي القادم بإذن الله، سواء أكان إقرار هذه المادة متطلبًا جامعيًّا جديداً، أو إحلاله بديلاً عن غيره من المقررات الأقل أهمية، لعلها تكون البوابة المشرعة لإعادة النظر في جميع تخصصات ومقررات كثير من كليات جامعاتنا السعودية على ضوء متطلبات المرحلة القادمة في عالمنا المعاصر.
يتوج كل هذه الأسباب التي سقتها أعلاه مبرراً لطرح هذا المقترح، ويدعمه ما أعرفه من ترحيب قيادة بلادنا الحكيمة بكل ما من شأنه تعزيز الوعي بالرؤية السعودية الطموحة 2030، وهذا ما عرج عليه وأبانه بكل صراحة ووضوح صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد الأمين نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع مهندس الرؤية وبانيها في أكثر من مناسبة، حفظ الله قادتنا وولاة أمرنا وحمى أرضنا وعرضنا ونصر جندنا ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء والسلام.