أحمد المغلوث
الكتابة اليومية حلم كنت أنتظر أن يتحقق منذ بدأت أكتب (محطات صغيرة) في مجلة «النهضة» الكويتية في السبعينيات الميلادية، وبعد عملي كمتعاون في صحف محلية، رغم أني كنت أكتب تقارير وتحقيقات مصورة، وكذلك أكتب أخبارًا لهذه الصحف بدون أن أضع عليها اسمي. كنت أحلم بالكتابة اليومية، وكان يتراءى لي هذا الحلم دائمًا خلال العقود الماضية. ورغم أنني طرحت فكرة الكتابة اليومية على بعض مديري ورؤساء تحرير الصحف التي كنت أكتب فيها سابقًا لكن لم تُتَح لي هذه الفرصة، رغم أن بعضهم لم يبدِ لي سببًا مقنعًا لعدم منحي هذه الفرصة. ومع أنني كنت أيضًا أشارك بالكتابة الأسبوعية في زوايا ثابتة طوال العقود الماضية، وحررت وأعددت صفحات في صحف ومجلات.. ومع هذا ما زال الحلم بالكتابة اليومية يراودني. وأخيرًا وقبل عام وأكثر أتاح لي أستاذي الكبير ورئيس تحرير هذه الصحيفة العزيزة على الجميع خالد المالك (الكتابة اليومية) من خلال صفحة (إطلالة)، إضافة إلى زاويتي الأسبوعية (رذاذ)، وبدأت بفضل من الله الكتابة عبر تحقيقات وتقارير وحتى أخبار مطولة. وكنت أعتمد كثيرًا على مطالعاتي ومشاهداتي وذاكرتي وحتى على حسي الصحفي - إذا جاز التعبير - في اختيار مواضيعي أو حتى أفكاري التي أكتبها.. بعضها أرويه على شكل (حكاية) عشتها، أو كنت يومًا شاهدًا على أحداثها. وكم هو جميل أن يستطيع الواحد منا أن يكتب ما شاهده وعاشه من أحداث ووقائع؛ فحياتنا دائمًا زاخرة بكل جديد وطريف وحتى محزن، بل إن ماضي بعضنا به كنوز من الأحداث الجديرة بالكتابة عنها. وكما قيل إن الأمم تتجدد من القاع لا من القمة.. وكل شيء يتعلمه الإنسان من التاريخ. من هنا فتاريخ الواحد منا هو تاريخ لوطنه، وكل حكاية يذكرها أو يكتبها هي قطعة ثمينة من التجربة والملاحظة. وهكذا نجد العملية الإبداعية في كتابة الروايات المختلفة تعتمد كثيرًا على ذلك المزيج المنوع من تجارب الإنسان في حياته، وأن ثمار الحياة ما هي إلا نتيجة طبيعية وحتمية لشجرة الحياة المثمرة والمعطاءة.
ويجدر بي أن أشكر هنا والدي عبد الله - رحمه الله - فلقد نصحني نصيحة كبيرة عندما دخل على مرسمي، الذي كان في الوقت نفسه غرفة نومي، وقال لي: إذا أردت أن تنجز أعمالك (نم بدري وقم بدري؛ فسوف تجد يا ولدي أمامك متسعًا من الوقت لتنجز فيه كل ما تريد..) أ. هـ. وهكذا فعلت طوال العقود الماضية، أصحو مبكرًا لأكتب، وبعدها أرسم، وبعدها أتوجه لعملي قبل تقاعدي. ويعلم الله أنني أجد متعة لا تضاهى لممارستي هواياتي المحببة لنفسي. شاكرًا الله الذي منحنى زوجة مثالية (الجوهرة)، التي حملت عن كاهلي هموم متابعة الأبناء؛ ما أتاح لي الكثير من الوقت، وخصوصًا أنها تربوية، وعاشقة للقراءة وحتى الكتابة، وكانت قبل عقود تكتب أيضًا.
وماذا بعد؟ يجدر بي أن أشير هنا إلى فضل «الجزيرة» عليّ؛ فهي أول صحيفة تنشر صورة لأعمالي، وكان ذلك في التسعينيات الهجرية، وضمن خبر عن افتتاح المعرض الجماعي الأول لفناني الأحساء عام 94هـ، وكانت لوحة الملك عبد العزيز، إضافة إلى أول مقال لي ينشر، وكان عن (الفتح القادم إلى النصر). واليوم وأنا أواصل بحب وحماس الكتابة اليومية التي حلمت بها، وتحقق الحلم في هذه العزيزة «الجزيرة»، التي باتت جزءًا مني، وأنا جزء منها.. فشكرا لأحبتي فيها؟!
تغريدة: الأفضل للواحد منا أن يعاني ظلم البعض من أن يكون سببًا وراء ظلم الغير؟!