ناصر الصِرامي
ما يأتي من الدوحة لا يعبر عن أي وعي بجدية ما يحدث حولها أبدا، مراهقة سياسية وعناد أقرب للوقاحة، وتغريد وتخريف خارج العقل وبعيدًا عن الواقع تمامًا للأسف. كل المؤشرات والإرهاصات والسلوك القطري السياسي والإعلامي المشين والمهين لها قبل غيرها، لا يعطي تفاؤلاً إطلاقًا بأن الدوحة مستوعبة لخطورة وضعها ومستقبلها!
من بداية الأزمة الخليجية -العربية معها، لا تزال الدوحة تتعامل مع كل ما يجرى بأسلوب بعيدًا كل البعد عن الحكمة أو النضج أو الإحساس بجدية ما يحدث، أو فهم واستيعاب لتغير وتبدل الكثير من المعادلات والاتجاهات الدولية، الدولة الصغيرة الغنية الذي يشكل نحو 90 % من سكانها عمالة رخيصة، تصر على المواجهة والمظلومية في آن، ولا تريد أن تدرك انكشاف دورها التآمري الخطر ضد الدول الخليجية والعربية بلا استثناء، فلا القاعدة الأمريكية ولا استيراد الجنود والحراس الشخصيين سيحميها من شر أعمالها.
الشعب القطري الشقيق والعزيز لم يقل كلمته بعد، وقد يصعب عليه ذلك مرحليا، مع نظام أصبح حرسه الخاص وأمنه خلطة عجيبة من الجنود الأتراك والإيرانيين والمجنسين حديثا، إضافة إلى النفوذ العميق لتنظيم الإخوان الإرهابي الدولي داخل مؤسساته الأمنية والإعلامية!
قصة «تنظيم الحمدين» غريبة وعجيبة وما هو معلن وما سيتكشف مثير للاشمئزاز والسخرية في آن، بل ومحزن جدًا وكازثي للمنطقة والعالم!
الحمدين باعا الدوحة وقطر للشيطان ولن يتراجعا، فالصفقة تمت مع إيران والإخوان وأطماع الأتراك، وأصبح هناك داخل الدولة الصغيرة حكومة عميقة لا يمكن التحكم باتجاهاتها ومساراتها.. أو مواقفها وتناقضاتها وتلاعبها، حتى أصبح حالها مثيراً للسخرية والحزن. فالناقل القطري تحول من واجهة لبلده إلى نقل الأبقار من العالم للدوحة، وكأن هذه الدولة الصغيرة ينقصها أبقار إضافية!، وتعود الأطفال على حليب النياق، كما يقول الخبير الإعلامي القطرى -التافه- لن يدوم طويلا، فليس للإبل أن ترعى من البحر أو تعيش على العلف الإيراني!
تخبط سياسي وعداء إعلامي واضح بشكل سطحي لم يسبق له مثيل أبدا، ولم نر له تجربة مشابهة، قطر ليست كوبًا، وليست غزة، ولا يمكن لها أن تكون إلا في حجمها أو أقل.
لكن مرتزقة الأزمة القطرية وشبيحتها الإعلاميون المجندون أنفسهم للريال القطري، يبيعون الوهم مرة بعد مرة لتلك العقول الصغيرة التي تورطت في الفوضى والإرهاب وتخريب المنطقة العربية دون استثناء أو اعتبار، ووهم القيادة التآمري أصبح اليوم كابوساً يجثم على حاضر ومستقبل الدوحة.
الحقيقة المؤلمة، أن لا شيء يدعو اليوم للتفاؤل، كل المؤشرات والرسائل القادمة من الدوحة لا توحي بأن هناك عقلاً رشيداً، بل وتعنت واضح وصريح وغرور وكبرياء أقرب للعبث الطفولي مع غياب كامل عن الواقع السياسي للأزمة التي تواجهها فعليا.
وهو أمر يؤكد أن الصيف طويل وساخن على الدوحة سياسيا واقتصاديا، بل وأكثر من ذلك، حيث لا يبدو أن الدوحة مستعدة لاستيعاب المتغيرات وما يواجهها الآن، وما ينتظرها في المستقبل القريب والقريب جدًا!