رجاء العتيبي
الذي يقتل الناس طغيانا وكفرا, لا يلبث أن يرتد إليه فعله الشنيع فيقتل شر قتلة, قال تعالى: «ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون»، وفي دروس الماضي عبرة, يمكنك أن تقرأ سيرة الطغاة والقتلة والظلمة ستكتشف فورًا أن الله يمهل لا ويهمل.
الذين عاثوا في الدول العربية فسادًا وأهلكوا الحرث والنسل, ينتظرهم يوم أسود، والله لن يفلت أحد منهم من عذاب الله, في الدنيا والآخرة, نواح الثكالى على نشرات الأخبار وأجساد الأطفال الناعمة الملقاة على قارعة الطريق بين حطام المباني, لن يذهب سُدى, سكون للظالم يوم وإنه لأقرب من شروق الشمس في اليوم التالي.
اتقِ شر من أسأت إليه, ولم يرد، إن دعوة رجل أشعث أغبر أو أم مكلومة أو صغير يبكي سقطت على منزله قنبلة أو برميل متفجر أو صاروخ, إن دعوته تصل إلى السماء العليا نتيجتها انتقام إلهي هوله عظيم, فالله ناصر عبده أينما كان مكانه ومحله, فلا يجيب المضطر إذا دعاه إلا هو لا أمير دولة ولا رئيس جمهورية ولا خليفة.
في زمن العجائب ترى القتلة (دول, وجماعات، وأحزاباً, وأفراداً) تنتمي للمسلمين، تصحو وتنام بين مصدق ومكذب، كيف لهؤلاء المسلمين أن يقتل بعضهم بعضا, فريق منهم يقتل باسم الإسلام وفريق منهم باسم السياسة, وفريق منهم باسم الانتقام من جاره.
سيعلم الذين أججوا فتنة ما يسمى (بالثورات العربية) والذين ناصروها ودعموها ونشروها وعلموا الناس شكلها وطريقتها ولونها, أن لهم يوماً لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها, دماء الأطفال والنساء والرجال لن تذهب هدرا, سيشاهدون فعلهم البغيض في حياتهم ويوم يقوم الأشهاد.
أما الذين يرقصون على جثث الموتى, ويبحثون عن صيت دنيوي عن طريق الإبادة الجماعية, فإن مآلهم إلى بؤس ولا يفلح الظالم أينما حل وارتحل, في حين الذين يزرعون ميليشياتهم في كل بقعة يقدرون عليها فلا تنتظر إلا أن يخسف الله بهم الأرض، فبيوت الناس عزيزة, ولها رب يحميها.
ولك أن تتساءل: كيف لهؤلاء القتلة أن يتناسوا مالك الملك, رب العباد, إله الكون, كيف يتناسوا الله الذي يمتعهم في الحياة الدنيا بضع سنين ليس غير, ماذا لو قلبوا المدن رأساً على عقب وأبادوا الناس؟ هل الله مخلدهم في الدنيا؟ أم أن بروجهم المشيدة ستحميهم؟
كل من عليها فانٍ ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام, هذا كل ما في الأمر, لا خلود لأحد, وما دام الأمر كذلك, فلماذا يقتل القاتل, هل قرأ القرآن الكريم؟ هل اطلع على تاريخ الأقوام الماضية؟ هل سمع بكاء رجل فقد عائلته في حرب خاسرة لا ناقة له فيها ولا جمل, هل شاهد الدماء النفيسة تسيل على قارعة الطريق؟
وفي الجانب الآخر ندعو الله أن يسدد رمي المرابطين الذين يقاتلون في حروب عادلة هدفها إحياء النفس وليس قتلها بغير حق ورفع الظلم عن الإنسان.