د. صالح بكر الطيار
عندما تغيب الأخلاقيات لأي مهنة أو وظيفة في العالم فإنّ ذلك يجعل الفساد حاضراً فيها.. ولو تأملنا في فساد يتعلق بالسرقة والرشوة واستغلال النفوذ وسوء استخدام السلطة وسلب المال العام والتزوير وغيرها من قضايا الفساد لوجدنا مردها إلى الأخلاقيات المهنية الأساسية والتي تعد الأمانة على رأسها فمتى ما غابت الأمانة تكثر وقائع الفساد المختلفة. هذه الأخلاقيات سواء في المهنة أو الوظيفة تعد «أخلاقيات إنسانية» تسير بالأعمال والمهن إلى بر الأمان من الفساد وإلى تحقيق الأهداف التي تحقق للفرد والجماعة الصالح العام.
فمثلا في القانون أخلاقيات هامة تعتمد على احترام المهنة وأصولها وأساسياتها ومبادئها واحترام زملاء المهنة والمترافعين والعمل بشفافية ونزاهة والأمر يسري على الأعمال الأخرى والمسؤوليات.. ولو فصّلنا الموضوع بشكل أكثر فإنّ الأخلاق المهنية تعكس التزام الإنسان بمبادئه وتوجهه إلى حيث يستخدمها في مهنته ويظل تذكير المسؤولين بأخلاقيات المهنة وأخلاقيات المنصب والوظيفة أمور هامة وصحية تصب في جانب مصلحة الذات ومصالح المتعاملين مع المسؤول الذي سيسأل عنهم وعن معاملاتهم.
لو نظرنا إلى قضايا الفساد خلال الفترة الماضية والتي تقلصت بعد تشريع أنظمة جديدة حاصرت هذا الداء في إطارات معينة ومساحات مغلقة فإن كل ذلك مرتبط بالأخلاقيات في الأمانة والنزاهة والصدق والعدل والموضوعية والإخلاص.. كل ذلك يعد أساسيات وركائز أساسية يجب أن تكون حاضرة في أي قطاع سواء حكومي أو خاص فهي أخلاقيات المسلم وأخلاقيات تعتمد على الفطرة السليمة السوية التي يجب أن يتم توظيفها وهذه الأخلاقيات معمول بها في كل دول العالم حتى لدى غير المسلمين لأنها أخلاقيات فطرية وإنسانية تتعلق بالإنسان ومصالحة ومستقبله. والقاعدة الأساسية حب لأخيك مثل ما تحب لنفسك وعامل الناس بما تود أن يعاملوك ولو عممت هذه القواعد على الإعمال لوجدنا انحصار الفساد كثيرا ولو غابت هذه القيم الإنسانية لرأينا طغيان الفساد وانتشاره كما هو في بعض المجتمعات التي غابت فيها تلك الأخلاقيات.
ما أود إيضاحه أننا في زمن معلوماتي متسارع والفساد متوقع ما دامت الحياة قائمة وحتى نكون موضوعيين علينا أن نكافح الفساد بكل الطرق بالعقوبة والتوعية وبالتأهيل والتدريب والتثقيف على مواجهة هذا الداء الذي أدى إلى تأخير التنمية والى تمادي الفساد في سنوات خلت لذا ينبغي على كل وزارة أو مصلحة حكومية أو خاصة أن تخضع موظفيها إلى دورات تثقيفية وتوعوية هامة جدا بأهمية الأخلاقيات الوظيفية والمهنية وأهمية تمسك الموظف بها وضرورة الالتزام بها والمناداة بشيوع مثل هذه الفضائل في كل قطاع حتى يكون منهجا للعمل ويسهم في مواجهة الفساد وحصار الأخطاء التي عطلت المصالح التنموية وتسببت في تعطل العديد من أهداف وطموح ورؤى الوطن.