يوسف المحيميد
لا نختلف على أهمية الرياضة في حياة المرء، رجلاً كان أو امرأة، ووجود مادة خاصة بالتربية البدنية في مدارس بناتنا - كما الأولاد - هو أمر مهم، وتأخرنا كثيرًا في تطبيقه، بسبب أوهام وتخيلات البعض، وإلا ما الخلل أن تُمارس تلميذة الرياضة على يد معلمة وفِي مدرسة خاصة بالبنات، وداخل سُور عال لمدرسة خاصة بالنساء؟ لا شيء سوى أننا لم نعتد رؤية المرأة تُمارس الرياضة حفاظًا على صحتها العامة، خاصة أن كثيرًا من الأمراض مصدرها السمنة، التي تعتبر أمرًا مزعجًا لنسبة كبيرة من السعوديات، وفِي مختلف الأعمار.
أقول إننا لا نختلف حول تطبيق الرياضة النسائية، وسعداء بذلك، لكننا لا نريد أن نفشل كما فشلنا في كثير من القرارات غير المخطط لها، فقبل ثلاثين عامًا أطلقت الجامعات وكليات التربية تخصصًا مهمًا على مستوى العالم، وهو تخصص رياض الأطفال، وتعليم طفل ما قبل المدرسة، وحينما أنشئت الوزارة بعض رياض الأطفال الملحقة بمدارس البنات، تورطت في عدم وجود الكوادر النسائية المؤهلة في هذا المجال، فأصبحت الوزارة توظف معلمات تربية إسلامية وتاريخ وجغرافيا وخلافه، في مجال بعيد كل البعد عنها، ونشط آنذاك موظفون في رئاسة تعليم البنات، بتوظيف من تمتلك الواسطة والمحسوبية، وبعدما تخرجت المعلمات المختصات في مجال رياض الأطفال، وقمن بالتطبيق في المدارس في السنة الأخيرة، لم يجدن فيما بعد فرصة للعمل، لأنّ غير المختصات استحوذن على فرصهن التي تعينّ لأجلها!
أخشى أن يحدث لمجال التربية البدنية ما حدث لرياض الأطفال من ظلم وفوضى، وموت لحلم تنشئة جيل ما قبل المدرسة بشكل جيد، فتوقف هذا المشروع العملاق، وانصرف المقتدرون من المواطنين إلى تعليم أطفالهم في رياض الأطفال الخاصة والأهلية.
لذلك لا بد أن يتم الاستعداد لكل قرار يتم اتخاذه، وتجهيز الكوادر البشرية المناسبة، والبيئة التعليمية له، فمادة كالتربية البدنية تحتاج إلى ساحات وملاعب قد لا تتوفر في كثير من مدارس البنات، خاصة أن التعليم لم يزل يعاني من عدم اكتمال المدارس الحكومية، فبعض مدارس البنات لم تزل مستأجرة، وكلنا نعرف أن المدارس المستأجرة هي عبارة عن فلل صغيرة ومتوسطة، تتحول فيها غرف النوم إلى فصول دراسية، ومن الطبيعي ألا يتوفر فيها ساحات وملاعب مجهزة.
ولا يعني هذا التقليل من هذا القرار، ولا تثبيط همم القائمين على التعليم، ولكن يجب وضع كل المشكلات والعثرات المتوقعة على الطاولة ومناقشتها، والبحث عن حلول جيدة لها، فليس من المناسب أن تتولى معلمات مواد لم يقمن في حياتهن بأي تمرين أو مجهود بدني بتدريس مادة التربية البدنية للطالبات، ولكن من المناسب فتح باب دراسة دبلوم تربية بدنية لمدة عام، لخريجات مجالات نظرية مختلفة غير مطلوبة، وذلك لتحويل مسارهن، بما يقلل من بطالتهن، ويحقق تطبيق القرار في وقت قياسي.