أمل بنت فهد
لا أحد يمكنه أن يشرح الألم مثل صاحب الجرح.. مهما كان تعاطفك معه.. مهما كنت مُلما بتفاصيل حكايته.. يبقى الموجوع أبلغ من يشرح نفسه وإن كان مجرد بكاء وأنين.. والمرأة السعودية بعظمتها اتخذت موقف الصمت طويلاً.. لأسباب غاية في التضحية.. وحماية لأسرتها.. وأدب جم أشبه ما يكون بمعجزة.. سكتت كثيراً.. وإن كان الخوف أحد الأسباب التي حالت دونها ودون رفع صوتها.. لكنه ليس كل أسبابها.
وحين قررت المرأة الخروج من صمتها.. ومواجهة النور.. توجست منها الحساسية الاجتماعية.. مع أن صوتها أصدق صوت يمكنه أن يحدثنا عن الحقيقة.. حقيقة ما يحدث خلف الجدران.. حين تُبتلى بولي أمر يمارس ولايته باعتقاد الامتلاك.. فلا أحد قادر على ردم الفجوة بين المرأة والمجتمع غير صوت المرأة نفسها.
فكل قضية لا يتكلم فيها أصحاب الضرر.. ليست قضية.. هي مجرد عبث.. وأنانية.. وليس لها حل ولا ربط.. ستكون مجرد ثرثرة وتنظير.
كتبت يوماً مقالا بصحيفة الرياض منذ عام 2006 م بعنوان «ولي الأمر.. سُلطة فضفاضة» والحال لم يتغير كثيراً.. فمن يستطيع أن يحدد المساحة التي منحها المجتمع للرجل حين يكون ولياً.. والسؤال الأهم.. حين نقر أن المرأة من الأهلية أن تكون أماً وتربي أجيالاً.. كيف تفقد صلاحية ولاية أمرها! هذا التناقض الذي نعيشه لابد أن نحسمه.. فالمرأة متساوية في الجزاء والعقاب مع الرجل حين تجنح وتخالف.. فهل رأينا رجلاً يتحمل وزر المرأة حين تخطئ.. وينال العقوبة عنها.. بالطبع لا.
ما المشكلة حين تعتلي المرأة كرسي الاعتراف والبوح.. مم نخاف إذا أفصحت المرأة عن احتياجاتها وحقوقها وخوفها ومشاكلها.. هل نظن أنها ستتخلى عن دورها.. ومسؤولياتها.. هل ستتوقف عن العطاء؟ ماذا سنخسر إذا تحدثت؟
على العكس تماماً.. آن لها أن تقول كلمتها.. ونسمع لها.. ونحترم رأيها.. فلا أحد مخول للحديث عنها.. لأنها مواطنة لا تقل وطنية ولا وفاءً عن الرجل.
دعوها تتحدث دون توجس من نواياها.. فلها مثل ما للرجل من قيم ومبادئ وطموح.
مطالب المرأة حقوق.. وليست ترفاً يمكننا أن نفكر مجرد التفكير بالرفض.. لسبب بسيط.. حتى لا نظلم أحداً.. ولا نكون سبباً في إخراس صوت موجوع.. حتى وإن كنا بخير ونعيش مساحتنا بكل حرية.. لا يحق لنا أن نحارب من تحاول أن تقول: لقد ظُلمت.. أو نشكك فيها.
عارٌ على من يتمتع بالعافية أن يحتقر أو يكذب تألم المريض.. والحر تكفيه الإشارة.