فهد بن جليد
من أكبر الأخطاء الإعلامية التي ترقى إلى حد الجريمة المعلوماتية -لا يعاقب عليها القانون بالمُناسبة- هي تحويل الخبر إلى رأي والرأي إلى خبر، قد تكون مثل هذه الأخطاء مقبولة على مستوى الإعلاميين الأفراد أو الصحافيين والمُحللين، ولكنها على مستوى المؤسسات الإعلامية التي تدعي المهنية والاحترافية، تُعتبر (جريمة) مكتملة الأركان سيحفظها التأريخ عندما لا يتم فصل الخبر عن رأي وأهواء وأجندات المحطات الإخبارية، كما هو واضح في حالة قناة الجزيرة التي تنفذ مُخططات سوداء، عبر انتقاء الأخبار وتحريفها وتضخيمها لنشر الفتن وزعزعة الأمن وتحقيق حلم الأعداء، وهو أسلوب مفضوح دأبت عليه الشبكة الإخبارية القطرية، التي تدعي احترام الرأي والرأي الآخر زوراً وبهتاناً، وهي أبعد ما تكون عن المهنية الإعلامية.
الأزمة الحالية مع قطر، عرَّت قناة الجزيرة تماماً أمام المُتلقي العربي، وفضحت المستور داخل استوديوهاتها المُظلمة، بعد ما خلعت القناة قناعها الذي خدعت به الشارع العربي على مدى عقدين من الزمن، عندما أوهمت الشعوب أنَّها تحمل شعاراتهم نحو الفضاء، وتوصل أصواتهم بكل جرأة، وتسعى لتحقيق أحلامهم، وتقبل الرأي والرأي الآخر، بينما الحقيقة الفاضحة أنَّها كانت مُجرد أداة تنفذ أجندات استخباراتية مُعادية للأمة العربية والإسلامية ولشعوب المنطقة، وكانت تنخر في جسد وطننا العربي الكبير، كجزء مُمنهج من مشروع ومُخطط الفوضى الخلاقة في العالم العربي الداعم للإرهاب، بإسقاط الأنظمة حتى تضيع الشعوب العربية وتتناحر فيما بينها، وهو الدور الخبيث النتن الذي لعبته الجزيرة القطرية بكل خسة فيما كان يعرف بالربيع العربي، عندما كانت تحرض وتنشر الفوضى.
الجزيرة لم تنقل يوماً خبراً مُجرداً لذاته، كما تقتضي الأمانة الإعلامية والمدارس الصحفية، بل هي مؤدلجة بعيدة عن المهنية حتى في فواصلها وإعلاناتها لبرامجها، وفي نظرات ونبرات مُذيعيها وصحافييها -غير البريئة- لا أحد يلوم الشارع العربي الذي يعيش اليوم صدمة كبيرة وهو يكتشف حجم الخدعة التي انطلت عليه طوال عقدين من الزمن، بهذه القناة التي تُدار من غُرف أجهزة المُخابرات الصهيونية، بالتعاون مع التنظيمات والمليشيات الإرهابية، لتنفيذ أجنداتها على حساب أحلام المواطن العربي البسيط، والمُتاجرة بقضاياه وهمومه.
المُتلقي العربي لا يجب أن يبقى تائهاً في فضاء الإعلام -أكثر من ذلك- وأعداد الراحلين والمُتعافين من حمى وفايروس الجزيرة الخبيث يزداد يوماً بعد آخر، وعلينا اليوم تقديم البديل الإخباري لهم، فنحن نعيش أنسب وقت لإطلاق تلفزيون عربي أو خليجي إخباري جديد مُستقل، يحظى بالحرية الإعلامية الكاملة، والمصداقية والمهنية اللازمة، فالشارع العربي بات أكثر نضجاً واستعداداً لتجاوز كذبة الجزيرة وطوي صفحتها, مع كامل احترامي وتقديري لكافة القنوات الإخبارية القائمة حالياً.
وعلى دروب الخير نلتقي.