د.دلال بنت مخلد الحربي
في كل مرة أعود فيها إلى كتب الرحالة الأجانب الذين وصلوا شبه الجزيرة العربية خاصة الغربيين منهم أقف على شيء جديد في كتاباتهم، إذ فيها مخزون معرفي وإنساني وبعضها يحوي آراءً وأفكاراً وحتى استشرافا للمستقبل في قضايا معينة. وبالطبع يختلف محتوى كل رحلة عن الأخرى ارتكازاً على المكون الشخصي للرحالة واهتمامه وهدف رحلته.
ففي الأيام الماضية اطلعت على كتابين لرحالين هما جورج أوغست الين وهو رحالة فنلندي قام برحلتين إلى شبه الجزيرة العربية الأولى في عام 1262 هـ / 1845 م، والأخرى في عام 1264 هـ/ 1848 م..وقد نشرت رحلتيه في أكثر من طبعة ومن خلال أكثر من جهة،.
أما الرحالة الآخر فهو فيليب ليبنز والذي وصل المملكة في عام 1370هـ / 1951 م
يفصل بين الرحلتين مايقارب مئة عام، وقد حدث في شبه الجزيرة العربية تطورات سياسية واجتماعية واقتصادية كثيرة، كما كانت الدولة الحديثة وهي المملكة العربية السعودية تخطو خطوات واسعة نحو التطور والنماء.
. نصان وقفت أمامهما أتأملهما وأعيد قراءتهما، وأسأل نفسي هل يقبلان الأخذ بهما والعمل وفق إطارهما العام.
أترككم مع النصين:
النص الأول لألين وهو:
(لو أن العرب شعب ملّاح لسهلت عليه المحافظة على اتصال بحري دائم بالبلدين الغنيين، مصر والهند، بواسطة مرفأين، أولهما (الوجه) ذو الميناء الجيد على البحر الأحمر، والآخر (القطيف) على الخليج العربي. وإذا تم في المستقبل شق مضيق السويس، وأريد فتح طريق من الهند إلى أوربا عبر بلاد العرب، فالطريق الطبيعي يكون بمد سكة حديدية بين الميناءين المذكورين، عبر أرض مسطحة كأرض الحجرة، تقطعها الجمال في ثمانية عشر يوماً).
أما النص الثاني والخاص بفيليب ليبنز والذي وصل إلى أبها في جنوب المملكة وأثناء توجهه نحو بيشة قال:
(إن المستقبل البعيد للبلدان العربية لا يتمثل في البترول ولا في الأشغال التقنية الكبرى، فهذه لن تكون إلا مساعدات (دعائم) قوية، بل إن هذا المستقبل يتمثل في إعادة تشجير البلد، وهذه مهمة ثقيلة لو تحققت فإنها ستؤدي إلى تغيير جذري في الحياة)
ويلاحظ أن كلا النصين يحمل فكرة فالأول يدعو لربط ميناء القطيف بميناء الوجه عن طريق سكة حديد لسهولة الاتصال بمصر والهند.
والآخر يدعو للاهتمام بالجانب الزراعي والتركيز عليه وملاحظته جاءت بعد أن لفت انتباه كمية الأراضي الصالحة للزراعة سواء أودية أو على سفوح الجبال وغيرها.
كثيرة هي الأفكار، وقد يكون بعضها غير مناسب للمرحلة الراهنة، لكنني أقول إن كل الأفكار تحتاج إلى مراجعة ثانية.