د. محمد عبدالله الخازم
بصدور قرار معالي وزير التعليم بتطبيق برامج التربية الصحية والبدنية في مدارس البنات، وكذلك تأسيس برامج لتأهل المعلمات لهذه التخصصات بكليات التربية، انتهى الجدل الذي لم يكن له مبرر منذ الأساس في مجلس الشورى حول الموضوع. لم يكن له أساس لأن نظامي التعليم والتعليم العالي لا تشترط موافقة مجلس الشورى على إضافة مادة دراسية أو افتتاح برنامج أكاديمي. الحسنة الوحيدة التي اكتشفناها من جدل الشورى حول الموضوع تتمثل في اكتشاف كيف تفكر بعض العقول وكيف تنسف الأدلجة مضامين العلم والاحتياجات الصحية والنفسية والبدنية.
أحسن القرار صنعًا بتسميتها الصحية والبدنية حيث تتلازم الاثنتان مع بعض، لذلك نحتاج منهجًا يمزج بين الثقافة الصحية والرياضة البدنية وفق المرحلة التعليمية، فعلى سبيل المثال في المرحلة الابتدائية ربما تطغى الرياضة البدنية والألعاب وفق السن وقليل من التثقيف حول الأمور البسيطة؛ كالغذاء والنظافة والعناية الأساسية، كالعناية بالأسنان وغير ذلك، بينما في المرحلة الثانوية تزداد عناصر الثقافة المناسبة للمرحلة العمرية ومنها الثقافة المتعلقة ببعض الأمراض والعادات السيئة كالتدخين والثقافة الزوجية (بشكل لا يخل بالآداب).. الخ. متطلبات الصحة المتفق عليها علميًا ترى بألا تقل الرياضة البدنية عن 3 ساعات أسبوعيًا بالنسبة للبالغين ويوميًا أو خمس مرات على الأقل للصغار، لذلك أتمنى أن يكون منهج البنات للرياضة أفضل من منهج البنين الذي سبق أن كتبت أنه قاصرًا ولا يفي بالغرض أبدًا، كونه لا يحتوي أكثر من حصة واحدة أو حصتين أسبوعيًا، أي ساعة ونصف الساعة تقريبًا أسبوعيًا، وهو أقل من الحد الأدنى الموصى به من قبل المرجعيات الصحية والرياضية. أتمنى ألا تنسخ تجربة البنين في هذا المجال بل التأسيس من الصفر لعمل متقدم حديث يستفاد فيه من التجارب والخبرات المتمية محليًا وعالميًا. مناهج التربية البدنية للبنين في مدارسنا وكذلك مناهج تأهيل معلمي التربية البدنية تحتاج مراجعة وتطوير، وبدلاً من نسخها يمكن استحداث الجديد لعل ذلك يسهم في تطوير ما هو موجود للبنين..
الجانب الآخر، يتعلق بتأهيل معلمات ومدربات في هذا الشأن بالجامعات. لكل تخصص طبيعته وشروط تعليمه، وأرجو عدم تقليل أهمية تخصص التربية الصحية والبدنية والحذر من التسرع لأن اللبنة الأولى عندما تكون معوقة يبقى أثرها السلبي سنين طويلة. لا يوجد تخصص يصلح بديلاً أو يحل محل تخصص التربية البدنية، ولكن بإمكاننا لأجل تسريع عملية تأهيل المتخصصات إيجاد برامج لمدة سنة أو سنتين إما كمرحلة جامعية جديدة أو دبلوم عالٍ أو ماجستير أو تجسير، يتم من خلالها تأهيل خريجات بعض التخصصات ذات العلاقة وبالذات التخصصات الصحية كالعلاج الطبيعي والتثقيف الصحي والتغذية وغيرها من التخصصات ذات العلاقة. خريجات بعض تلك التخصصات بإمكاننا تأهيلهن كمعلمات ومدربات تربية بدنية وصحية متى كانت لديهن الرغبة والشروط المطلوبة لوجود بعض الخلفية المشتركة مع تعليم التربية الصحية والبدنية. مع التأكيد توظيفهن يجب أن يكون بعد تأهيلهن وفق مسار تأهيلي مناسب ومدروس بطريقة علمية مناسبة. سنين طويلة ونحن لم نعد الكوادر في هذا الشأن فليس هناك ما يمنع من وضع خطة تستغرق عدة سنوات لإيجاد الكوادر المحلية المناسبة.