مها محمد الشريف
لقد أصبح محيط تويتر أكبر من 140 حرفًا واتسعت مساحاته إلى الضعف. فقد وجد الناس أخيرًا وطنًا قوميًا في فضائه، واحتل مكانة بارزة في يوميات الناس، وتصدر الأولويات في الحياة الثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأصبح هو القضية الأولى في عالم الأحداث. بل أصبح الصحيفة اليومية التي تنشر الأخبار قبل طباعتها، ولم يخل من خلق درجة عالية من الخلافات بين الشخصيات الرسمية والشخصيات العامة.
فقد كانت الشعوب العربية تفتخر بوحدتها وحضارتها القديمة ودينها وعقيدتها ولغتها وثقافتها، وتبجل قادتها وتحترم الكبار وترحم الصغار، ولكنها اليوم تتخلى عن عروبتها إلى تيارات ونزاعات كشف التاريخ أسرارها وواقعها، قائلاً: لن تستعيد الأمة سلطانها وهي تدفع بصغارها إلى الانصهار في كتل سياسية خارجية موبوءة بالحركات والأحزاب وتبحث عن انتماءات أجنبية وإسلام سياسي يعمل على انكفاء داخلي وتبعية ممولة من جهات خارجية غير مخلصة تحرض على الفرقة ومناصبة الأقطار العربية العداء.
بدأ تمزق الأمة العربية مع تمزق الثقة ومعضلة الخيانة - خيانة أمة -، فقبل ذلك كانت الواقعية السياسة تحل الأمر بعيدًا عن أي مؤثرات ولا تتشارك مع أي من الوسائل سواء بالآراء أو الأحكام في القضايا الدولية، وعليه يجب التخلي عن السياسة لأصحاب القرار، لكن ما يثير الدهشة تطاول العامة في قطر على الرموز السياسية السعودية والإماراتية والبحرينية والأسماء الكبيرة في تاريخ الوطن والعز والكرامة، وتجاوز حدود الأدب والاحترام.
ستبقى صفحات التاريخ هي الشاهد والمعيار لهذه الأمة التي تلاعبت بها رؤوس الفتنة والأطراف الخارجية.. وبذلك فقد حان الوقت للكف عن المهاترات والشتائم ونترك المجال للمسؤولين فقط حل المسائل المضطربة وخطط التصحيح وإعادة هيكلة الأصدقاء والأعداء.
إن الفتنة ليست قدرًا بل هي اشتغال منظم يهدف إلى زعزعة أمن واستقرار الدول وهذا لا شك شعور مخزٍ وأنه سيفيد فقط أعداء الأمتين العربية والإسلامية، ومع الأسف الشديد مخابرات قطر تواصل الفتنة وتنشر تسريبات مفبركة لسفير الإمارات بواشنطن.. مكائد الدوحة الإعلامية. تجبرنا على إنشاء أسوار من الحذر حيث تجتهد من أجل إفساد علاقة أبو ظبى بواشنطن، ولكن من حفر حفرة لأخيه وقع فيها، فقد كشفت وسائل إعلام أمريكية أسرار العلاقة بين عائلة «تميم» وتنظيم «القاعدة».
فبعد التخلي عن البيت الخليجي رحلت قضايانا إلى العالم تبحث عن حلول، عند الأمريكان والروس عن اختراقات لوكالات الأنباء القطرية، فكانت الأنباء تشير إلى قراصنة روسيين اخترقوا المواقع القطرية باعتراف محققين أمريكيين في يونيو - حزيران الماضي لشبكة CNN.
ونكاد نجزم أن العقبات كبيرة وتستغرق وقتًا لكي تزول. مقابل ذلك، فإن التعاطي مع هذه القضية يستحق التفكير لا التصعيد في وسائل التواصل الاجتماعي لكبح جماح الأطراف الخارجية ومرتزقة المصائب على إغلاق الأبواب التي فتحوها على مصراعيها وفق مصالحهم ونواياهم الشريرة، وفي آخر المطاف سيصمت الصغار عندما يتحدث الكبار من منصة السلطة والسيادة والقيادة لا من منصة تويتر رغم تأثيرها.