ماجدة السويِّح
التعجيز فن تجيده بعض الجامعات في وجه الباحثين عن العمل الأكاديمي بين أروقتها، من خلال الشروط الكثيرة حينا والمستحيلة في غالب الأحيان للتنصل من توطين أعضاء هيئة التدريس، بالرغم من توفر عدد لا يستهان به من حاملي الشهادات العليا في كل المناطق. يقول الشاعر:
لما رأيت بني الزمان وما بهم
خل وفي للشدائد اصطفي
فعلمت أن المستحيل ثلاثة
الغول والعنقاء والخل الوفي
وفي عصرنا الحاضر أصبحت الوظيفة الأكاديمية رابع المستحيلات، فقد أصبحت حلما صعب المنال في ظل الشروط المفروضة على المتقدمين دون قراءة حقيقية لواقع المخرجات، ودون تفكير بالمواطن والمواطنة من حاملي الشهادات العليا ومستقبل الوطن.
وبحسب صحيفة الوطن رفضت 6 جامعات سعودية توظيف 200 من حملة الدكتوراه في مختلف التخصصات، في حين طرحت 851 وظيفة لشغلها بأكاديميين غير سعوديين.
حالة الإحباط التي يمر بها خريجو الداخل والخارج من أصحاب الشهادات العليا بحاجة لوقفة جادة واهتمام كبير من قبل وزارة التعليم، ومدراء الجامعات، وهيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالة مع تزايد أعداد العاطلين وتزايد الاحتياج.
قد يكون مقبولا خلال السنوات السابقة شغل الوظائف الأكاديمية بعدد لا يستهان به من الأساتذة العرب والأجانب، للقيام بالمهام التدريسية، نظرا لقلة الخريجين من برامج الدرسات العليا، لكن الْيَوْمَ وعلى الرغم من التوسع الكبير في فتح برامج الدراسات العليا داخليا وخارجيا عبر برنامج الملك عبدالله للابتعاث الخارجي،ما زلنا نشهد البطالة بين صفوف حاملي الدكتوراه، والماجستير السعوديين.
الشروط التعجيزية التي تطالعنا بها الإعلانات الوظيفية لسد الشاغر الأكاديمي غالبا نجدها مقرونة بشروط غير منطقية، على سبيل المثال طرحت إحدى الجامعات فرصا وظيفية لشغلها بمرتبة أستاذ مشارك وأستاذ، والواقع أن الحاصلين على هذه المرتبة العلمية من الراغبين بالانتقال من جامعاتهم قلة، فلن يفرط البرفيسور أو الأستاذ المشارك في وضعهم المستقر بجامعاتهم للانتقال لمدينة أخرى، أو يعيشوا تجربة جديدة وقد قارب غالبيتهم على التقاعد!! في حين هناك المئات من حاملي الدكتوراة العاطلين والراغبين بالعمل الأكاديمي في أي مكان.
الشروط التعجيزية في الإعلانات الوظيفية في حقيقتها تحمل إشارات ضمنية باستحالة سد الشاغر بأبناء الوطن، ليتم في نهاية المطاف التعاقد مع أساتذة من الخارج نظرا لندرة المتقدمين للجامعة، في التفاف واضح على النظام، وحق المواطن بالوظيفة أولا.
بالإضافة لشرط امتداد التخصص، واللغة الإنجليزية لخريجي الجامعات السعودية بدرجات عالية، متناسين أن لغة التدريس والاتصال اليومي الرسمية هي العربية، فلماذا المبالغة في طلب درجات متقدمة في الاختبارات المعيارية؟! الحل أن تشكل لجنة طارئة للوقوف على مسببات رفض الجامعات للمواطنين، والشفافية في الإعلان عن الشواغر والاحتياج الحقيقي للتخصص والمرتبة العلمية والمهارات المطلوبة، لرصد مكامن الخلل ومعالجتها، كما على وزير التعليم أن يبادر بعقد لقاء خاص بالعاطلين والعاطلات، من حملات الشهادات العليا للاطلاع على تجاربهم الشخصية في البحث والتنقيب عن الوظائف، ومحاولة حصر المسببات للرفض، والعمل على معالجة الخلل من قبل المتقدمين على الوظائف، أو من قبل الجامعات.