د. علي بن صالح الخبتي
تشرفت بتمثيل جامعة الأعمال والتكنولوجيا بجدة بحضور ملتقى «أسس ومبادئ وتطبيقات الاتصال من أجل التعايش السلمي ونبذ الكراهية» في جامعة السربون في باريس في الأسبوع الأول من شهر يوليو من عام 2017م الذي نظمه كرسي حوار الحضارات مشاركة بين جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وجامعة السربون والذي يعود إنشاؤه بالشراكة بين الجامعتين إلى عام 2010م.
ويأتي هذا الكرسي ثمرة للندوة الثانية للحوار السعودي الفرنسي، التي استضافتها جامعة السوربون، بمقرها في باريس. وتقول أدبيات هذا الكرسي أنه: وتبعاً لما حققه الكرسي خلال السنوات الماضية من نتائج متميزة، فإنه يعد أحد أهم الشراكات العلمية والفكرية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية فرنسا، حيث أخذ الكرسي على عاتقه، وعبر مناشطه المتعددة، تجسير العلاقة بين النخب الأكاديمية والفكرية والثقافية في البلدين الصديقين. وانطلاقا من أهدافه الرئيسية يولي الكرسي عناية كبيرة بتطوير إمكانات النخب الأكاديمية لتسهم بدور رئيسي في تعزيز التفاهم المشترك وتوفير أفضل السبل للتعايش بما يدعم السلم الدولي، وتمثل الندوة الدولية التي نظمها الكرسي في الرياض مطلع العام الميلادي 2015م حول ( دور الجامعات والمراكز البحثية والثقافية في حوار الحضارات) وشارك نخبة من مديري ورؤساء عدد من كبريات الجامعات في العالم إحدى اهم الفعاليات العلمية التي شكلت نواة حقيقية لبلورة دور النخب الأكاديمية والفكرية والثقافية في تعزيز التفاهم والعيش المشترك بين الأمم والشعوب، وتوخياً للأدوار المستقبلية للكرسي، فقد أوصت الندوة بتواصل الجهود لتأهيل المزيد من النخب السعودية والعربية والخليجية القادرة على الإسهام الفاعل في الحراك الدولي الهادف إلى مناهضة العنف وتعزيز التعايش السلمي عبر الاتصال الثقافي والحوار الحضاري.
من هنا قام الكرسي بتنظيم هذه الفعالية في جامعة السربون بباريس التي شارك فيها أكاديميون من مختلف الجامعات والمؤسسات العلمية السعودية واستهدفت تعزيز دور النخب الأكاديمية ذات العلاقة بالاتصال بالآخر في الجامعات والمؤسسات المهنية في خدمة الإنسانية، من خلال دعم المعرفة المتخصصة بقضايا مهمة في مجال العلاقة بالآخر، ودور وسائل الإعلام والاتصال وتبادل المعارف والخبرات وتنمية المهارات التطبيقية في مجال الاتصال بالآخر والتأكيد على دور النخب في توجيه المسار نحو اتخاذ التفاهم سبيلاً للتعايش بدلاً عن التناحر والاحتراب.
وتحددت أهداف هذه الدورة بـ:
1- التعريف بأسس ومبادئ ومهارات الاتصال الثقافي والحوار الحضاري وما يواجهه من تحديات.
2- بيان الدور المنتظر من النخب الأكاديمية في الجامعات والمؤسسات المهنية المعنية بالاتصال بالآخر للإسهام في تحقيق التعايش الإنساني وتعزيز السلم الدولي.
3- التعريف بأهم المتغيرات الإعلامية والاتصالية ذات العلاقة بالحوار الحضاري.
4- التعريف بمرتكزات موقف المملكة من الآخر وبيان عنايتها بتحقيق التعايش الإنساني وتعزيز السلم الدولي.
5- تعزيز المعرفة بمخاطر الإرهاب على العلاقات السلمية بين الثقافات المختلفة.
6- تبادل الخبرات والتجارب حول مقتضيات وواقع الاتصال بالآخر وإسهامات النخب في التعايش الإنساني وتعزيز السلم الدولي. وركزت على المحاور الآتية:
1- مبادئ وأسس ومهارات الاتصال الثقافي والحوار الحضاري وتحدياته.
2- تحديات الحوار بين الثقافات عبر الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي.
3- تحديات الحوار بين الثقافات: ثنائية الأديان والثقافات.
4- تحديات الحوار بين الثقافات: الإرهاب.
5- موقف المملكة العربية السعودية من الآخر وجهودها لتحقيق التعايش الإنساني وتعزيز السلم الدولي.
6- خبرات وتجارب تطبيقية في مجال اتصال بالآخر ودور النخب في هذا المجال.
وفي الحقيقة إن هذه الفعالية قد حققت على المستوى النظري الكثير من الأهداف التي رسمت لها إلا أنه كان المفترض أن يشارك مع الأكاديميين السعوديين أكاديميون من فرنسا وبقية دول أوروبا حتى يتم الحوار بالعمق الذي يكشف المشكلة وطرق أساليب التعامل معها.. كما كان من المفروض أن لا يقتصر الطرح على الجوانب النظرية التي أبدع المشاركون في طرحها بشكل نظري.. وأن يتم التطرق بشكل أكبر أو على الأقل بشكل مساو إلى جوانب تطبيقية من الواقع.. وهنا وبعد انتهاء هذه الفعالية نتساءل: ماذا بعد؟ هل سيتم استثمار المشاركين في هذا البرنامج في لقاءات وندوات وحوارات ولقاءات مع الآخر مستقبلاً يتم تنظيمها لمناقشة كيفية التعايش السلمي ونبذ الكراهية ينظمها ويبرمجها ويخطط لها الكرسي؟ أعتقد هذا ما يجب أن يتم.. إذا كان هذا ضمن خطط الكرسي فهذا مؤشر نجاح الكرسي. وهذه الخطوات هي ما يجب أن تكون بعد هذا الجهد حتى لا يضيع ولا يكون منتهاه هنا فقط. وهنا سأعرض بعض الأمثلة للحوارات التي يجب أن تتم مع الآخر وهي كما يأتي:
?- حوار مع ناشري مناهج التعليم في أوروبا الذين يملؤون مناهج التعليم التي يتربى عليها ناشئة أوروبا صوراً مغلوطة ضد العرب والمسلمين.. والتحاور معهم حول تغيير هذه الصور ومدهم بمواد حقيقية صحيحة.. وهذا ممكن جداً.
?- التحاور مع مراكز البحث في أوروبا حول ما يبحثونه ويكتبونه حول صورة العرب والمسلمين وقضاياهم ويقنعون به ساسة أوروبا على كل المستويات حتى أصبحنا لا نواجه فقط هذه المراكز بل السياسات الظالمة تجاه قضايانا والناتجة عن المقترحات التي تقدمها بشكل سري مراكز البحث هذه.
?- حوارات مع الساسة في البرلمانات (يتم اختيار بعض أعضاء البرلمانات الفاعلين للالتقاء بهم لإقناعهم بقضايانا وبسلامة توجه إسلامنا وتكريسه لقيم المحبة والسلام والتسامح والتعايش السلمي ونبذ الكراهية.
?- حوارات مع أطياف المجتمع المؤثرين وقادة الاقتصاد يتم اختيارهم واللقاء معهم..
ويمكن الاستعانة بالسفراء هنا وهناك والملحقين لتنسيق هذه اللقاءات.
هنا يمكن للكرسي أن يكون فاعلاً ويمكن لمثل هذا البرنامج الذي انتهينا منه أن يحقق أهدافها.. أخيراً كنت أتمنى أن الكرسي قد أعد لنا حفلاً تعريفياً حتى لو كان حفل شاي.. في البرنامج لأنه لم تكن هناك فرصة في البرنامج المزدحم لتعرف المشاركين على بعضهم.. وخلاصة القول شكر الله لجامعة الإمام هذا الجهد.. وكرسي جوار الحضارات مشاركة بينها وبين جامعة السربون سيأتي ثماره إذا تم تفعيله بالمستوى الذي يجعلنا نلمس نتائجه على أرض الواقع.. والمقترحات التي طرحتها هنا ستجعل الكرسي ينتقل من التنظير إلى الواقع.. كثير من الجهود والأفكار المتميزة ومنها فكرة هذا الكرسي تضيع إذا اقتصر مداها على التنظير والاحتفالية والتصوير والإعلام ولم يتعد مداها إلى التطبيق ولمس الأهداف تتحقق على أرض الواقع. ولا يفوتني في نهاية مقالي أن أشكر الجامعة لتحملها نفقات رسوم التسجيل.