محمد آل الشيخ
نشرت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية خبراً على سبيل العَرض وليس القطع، ولم تؤكده جهة رسمية، فحواه أن الإماراتيين هم من اخترقوا وكالة الأنباء الرسمية، وبثوا عليها بعض الأخبار المختلقة -كما يزعم القطريون- التي فجرت الأزمة مع الدول الأربع. وما أن تلقفت السلطات القطرية هذا الخبر حتى طارت به ركبانها، وتصدر نشرات أخبار قنواتها الفضائية، ومانشيتات الصحف، وكأنه حجة قطعية لا يرقى إليها أية حجة، ستخلص السلطات القطرية من المأزق، بل الورطة، التي وضعهم فيها تنظيم الحمدين. احتفال القطريين بخبر في جريدة لم يتأكد من أي جهة رسمية استقصائية، دليل ضعف ووهن، ويشير بوضوح إلى شعور عميق بورطة حقيقية لا يعرفون على ما يبدو كيف يتخلصون منها، لذلك اعتبروا الخبر (انتصاراً)، وارتقوا به إلى درجة القطعية، مع أنه لا يعدو أن يكون خبراً صحفياً، جاء في سياق يحتمل الصحة كما يحتمل الخطأ، وهذا -بالمناسبة- ما أقرت به الصحيفة نفسها ونصت على أن هذا الخبر لم يتم تأكيده من أية جهة رسمية استخبارية.
وفي تقديري أن فرح القطريين بالخبر يؤكد إحساسهم بضعف موقفهم، وبالذات أمام عقلاء مواطنيهم، الذين بدؤوا يطرحون سؤالاً مفاده: ما الذي سنستفيده كمواطنين قطريين من مؤامرات الحمدين ومغامراتهم التي أصبحت كالشمس في رابعة النهار، ليس فقط على المملكة وحدها، وإنما على الإمارات والبحرين ومصر؟.. ويضيفون: وهل في مقدور دولة صغيرة مثل قطر أن تتحمل هذه التصرفات العبثية، وتبني (الإرهاب) وأساطين الإرهاب ورموزه والعالم من أقصاه إلى أقصاه يتتبعه ويحاربه ويسعى إلى تجفيف منابع تمويله؟.
لذلك فالارتقاء بخبر في صحيفة، وتحويله من الاحتمال إلى القطع، هو -كما قال لي أحد القطريين المتذمرين- ليس موجهاً للخارج، ولا لدول المحيط الخليجي، ولكنه موجه بالدرجة الأولى للمواطنين القطريين، الذين بدؤوا يتذمرون في مجالسهم الخاصة، من هذه المراهقات السياسية غير الحصيفة، وتبذير الثروات على طموحات هي أقرب إلى السفه والجنون، يمارسها الحمدين. إضافة إلى أن هناك أنباء بدأت في التداول تؤكد أن تميم الذي تنازل له والده شكلياً ليكون أميراً، مع أنه لا يملك من الصلاحيات إلا صلاحية (استقبل وودع)، بدأ يُسرب -كما يقولون- إلى مجالس القطريين أنه غير راض على الإطلاق، عن هذه التصرفات المجنونة، والتي لا ينتهجها عاقل. إضافة إلى أن تميم، وكذلك والدته، يكنان لحمد بن جاسم بن جبر، كراهية وبغضاء، ويحملانه شخصيا مسؤولية الورطة التي تتفاقم تبعاتها مع مرر الزمن.
تخبط الحمدين في مواجهة الحلف الرباعي، وإصرارهم على عدم الاستجابة، يقابله -كما يشاع- في الخفاء محاولات لاهثة من قبل الحمدين باستعدادهم لقبول كل مطالبات دول التحالف الأربع، ولكن ليس في العلن وإنما في الخفاء. الخليجيون ومعهم مصر يبدو أنهم فقدوا الثقة كاملة بحمد بن خليفة، حاكم قطر الحقيقي، وتأكدوا من خلال تعاملاتهم السابقة معه أنه مراوغ وكذاب وينكث العهود، ولن يقبلوا على الإطلاق بعودة المياه إلى مجاريها، حتى يتم القبول علنا وعلى رؤوس الأشهاد بالمطالب الثلاثة عشر كاملة، وبشكل معلن وليس في الغرف السوداء المغلقة.
من شعر أنه وحيداً في صحراء قاحلة، معزول بلا أصدقاء ولا أقارب، فإنه يتعامل مع السراب على أنه ماء قراح، وهذا هو واقع القطريين هذه الأيام.
إلى اللقاء،،،