مها محمد الشريف
على الرغم من تطوُّر الحياة إلا أن الإنسان وقف عاجزًا أمام الكوارث الطبيعية وتراكم الواجبات وإكراهات الحرب، ولكنه أخذ بالأسباب، وخضع إلى اختبارات مجحفة مع تصاعد الأحداث ضد منفعته؛ ففسدت النوايا. بشكل أو بآخر هذه الفجوة تحبط الإنسان، ولا يعرف كيف يمررها أو يفسرها، ويستحيل أن يخفي نفسه عن الطبيعة السياسية حوله من بعض الدول، أو يهرب من كوارث طبيعية بالإمكان إنذاره مسبقًا بها؛ ليكون يقظًا شديد الذكاء.
ولكن هي الأسباب التي تأخذ من الطبيعة ثوراتها، كالزلازل أو الأعاصير والحرائق التي اجتاحت عددًا من البلدان في مختلف القارات في شهر يوليو إثر ارتفاع بالغ في درجات الحرارة والجفاف؛ ما أدى إلى إجلاء مئات الآلاف من السكان في هذه البلدان.
إذ شهدت كل من الجزائر، وفرنسا، وإيطاليا، وجمهورية الجبل الأسود، والولايات المتحدة الأمريكية، وكندا آلاف الحرائق التي لا تزال أكثرها مشتعلة، وتستعصي على السيطرة عليها، كما في إيطاليا التي لا تزال الحرائق فيها مشتعلة، ويكافح رجال الإطفاء فيها أكثر من ألف حريق غابات في البلاد منذ الاثنين وسط ارتفاع في درجات الحرارة، وجو جاف، بما يشمل ثلاثة حرائق قرب حي أوستيا الساحلي في روما.
ومن حرارة الأجواء إلى حرارة الأحداث في الساحة السياسية، وتفرد الأزمة القطرية بالصدارة في الصحف العالمية والمحلية؛ إذ تم تعديل بعض أحكام القانون رقم 3 لسنة 2004 بشأن مكافحة الإرهاب الذي أصدره الشيخ تميم «تضمن تعريف الإرهابيين والجرائم والأعمال والكيانات الإرهابية وتجميد الأموال وتمويل الإرهاب واستحداث نظام القائمتين الوطنيتين للأفراد والكيانات الإرهابية».
جعلت قطر تتنازل عن تعنتها، ولكن بطرق ملتوية وغير مباشرة، وتكون في تقييم أفضل في تقارير الإدارة الأمريكية، بعدما صنفتها الخارجية الأمريكية من بين أسوأ الأنظمة المالية في العالم من حيث دعمها للإرهاب ومنع تمويله.
كل هذا يعني قبول الشروط الأمامية لقائمة الطلبات بشكل مبطن لتحسين الصورة في التقارير الدولية لقطر وعلاقاتها مع الإرهاب، واختيار ما تعمله على أساس معطى معيَّن، يغيِّر من وتيرة حياتها السياسية والعوامل السابقة رغم التظاهر بالرفض والتعنت.
وإلى أي حد يمكن اعتبار ما يحصل في العالم من توتر يرتبط بالأفعال والأسباب؛ إذ لا يبدو أن الاستراتيجية الأمريكية للقضاء على تنظيم داعش قد تغيَّرت كثيرًا عما كانت عليه مع الرئيس السابق باراك أوباما كما تناولته التحليلات السياسية في الصحافة المحلية والعالمية، إلا أن القضية تنوُّع في السياسات.. أعطى فيها دونالد ترامب مزيدًا من الصلاحيات للقادة العسكريين لاتخاذ القرارات المناسبة بما يتعلق بالضربات الجوية، وهذا أحد أهم الأسباب التي ذكرنا ارتباطها بالأفعال.
ليس من السهل محاولة حل هذا الارتباط، وهو في حد ذاته غاية، تحقق الأخذ بالأسباب كما يعلمها كل مسلم؛ فهي من التوكل على الله مهما عظمت الحوادث وتشعبت. وكل إنسان يسعى إلى تكوين مفهوم خاص به، ينتج منه مفارقة عن الآخرين؛ فالعالم بأسره يبدي مواقفه حسب تركيب القضايا وإشكالاتها المطروحة.