«الجزيرة» - الاقتصاد:
أشاد صندوق النقد الدولي ببرنامج الإصلاح الاقتصادي لرؤية المملكة 2030 التي حققت به تقدمًا كبيرًا في بدء تنفيذ جدول أعمالها الإصلاحي الطموح، كما بدأت جهود الضبط المالي تؤتي ثمارها مؤكدًا في الوقت ذاته أن الجهاز المصرفي يحتفظ بمستويات كافية من السيولة.
جاء ذلك في بيان، بثه عقب اختتام بعثة الخبراء من المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في 17 يوليو الجاري لمشاورات المادة الرابعة مع المملكة. وقال المديرون التنفيذيون: إن اقتصاد المملكة يواصل التكيف مع آثار انخفاض أسعار النفط وإجراءات الضبط المالي الجارية، ولكن النمو غير النفطي من المتوقع أن يتحسن هذا العام، كما يتوقع أن يرتفع النمو الكلي على المدى المتوسط مع التقدم في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، مقدمين ثناءهم للمملكة لما أحرزته من تقدم في تنفيذ جدول أعمالها الإصلاحي الطموح، ومؤكدين أهمية معايرة الإصلاحات، وتحديد تسلسلها بالصورة الملائمة.. قائلين: إن ذلك يشكل عاملاً أساسيًّا لنجاحها.
ورحبّت وزارة المالية بما تضمنه تقرير صندوق النقد الدولي عقب اختتام المجلس التنفيذي للصندوق مشاورات المادة الرابعة مع حكومة المملكة من إشادة بشأن توجهات الاقتصاد الوطني. وتعليقاً على نتائج المشاورات مع الصندوق، قال وزير المالية محمد الجدعان: نرحب بإشادة الصندوق بما تم إحرازه حتى الآن من تقدم على طريق تنفيذ رؤية المملكة 2030، التي وصفها الصندوق بأنها برنامج «إصلاح جريء»، وأرحب بشكل خاص بإشارة الصندوق إلى التحسن المحرز في إطار المالية العامة بالمملكة، والالتزام بالشفافية، والعمل المكثف لإزالة العقبات أمام نمو القطاع الخاص.
وأشار الجدعان، إلى توقع الصندوق بأن يصل النمو غير النفطي بالمملكة إلى 1.7 % هذا العام، مقارنة مع 0.2 % العام الماضي، وأن معدلات النمو ستتحسن على المدى المتوسط مع تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، وإلى ترحيب الصندوق بخطة خفض العجز في الميزانية من 17.2 % من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2016 إلى 9.3 % في العام 2017. وقال: على الرغم من أن هناك الكثير مما يبعث على التفاؤل إلا أننا ندرك أن هناك أيضاً تحديات تستوجب العمل المكثف لمواجهتها، سلاحنا في ذلك التوكل على الله، ثم التزام القيادة الرشيدة بمسيرة الإصلاح الشاملة، وما ينعم به اقتصادنا من مقومات، ونقدر التحليل الموضوعي والمحايد لصندوق النقد الدولي المؤكد لقوة أساسيات الاقتصاد السعودي التي تمكنه من مواصلة البناء لاقتصاد حديث وحيوي يعم فيه الازدهار، معرباً عن شكره للزملاء في الأجهزة الحكومية المختلفة الذين بذلوا الكثير من الجهود قبل وخلال مناقشات المادة الرابعة، وأيضاً لممثلي صندوق النقد الدولي وتطلع المملكة إلى استمرار التعاون معهم.
وقال تقرير الصندوق إن المملكة شرعت في برنامج إصلاح جريء في إطار «رؤية 2030» التي أُعلنت في عام 2016؛ فهناك زخم متزايد في مسيرة الإصلاح من أجل تحسين بيئة الأعمال، كما تم إرساء جانب كبير من الإطار المعني بزيادة الشفافية والمساءلة الحكومية، ومن الضروري توخي الكفاءة في تحديد الإصلاحات ذات الأولوية وتسلسلها وتنسيقها، كما ينبغي مراعاة الإفصاح الجيد عنها وإرسائها على أساس من العدالة، يحقق لها التأييد الاجتماعي المطلوب، ويضمن تنفيذها بنجاح.
وتابع الصندوق: إن التوقعات تشير إلى ارتفاع نمو القطاع غير النفطي إلى 7.1 في المائة في عام 2017، لكن النمو الكلي الإجمالي (الناتج المحلي الحقيقي) سيقترب من الصفر مع انخفاض إجمالي الناتج المحلي النفطي في إطار التزامات المملكة بمقتضى اتفاق «أوبك»، كما من المتوقع أن يتحسن النمو على المدى المتوسط مع تنفيذ الإصلاحات الهيكلية.
وأضاف بأنه من المتوقع أن يشهد عجز المالية العامة انخفاضًا كبيرًا في السنوات القادمة؛ إذ يتراجع من 2.17 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في 2016 إلى 3.9 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في 2017، وأقل بقليل من 1 في المائة من إجمالي الناتج المحلي مع حلول عام 2022.
كما أشادت لجنة المديرين التنفيذيين بالتكيف الجدي للاقتصاد السعودي مع آثار انخفاض أسعار النفط وإجراءات الضبط المالي الجارية.
وتوقع الخبراء أن يرتفع النمو للواردات غير النفطية هذا العام، مع الإشادة بإجراءات المملكة في مجال الضبط المالي عبر «برنامج تحقيق التوازن المالي».
وبعد الارتفاع الذي سجله التضخم على مؤشر أسعار المستهلكين في أوائل 2016 بسبب ارتفاع أسعار الطاقة والمياه، لفت التقرير إلى أنه تحول إلى معدل سالب في الشهور القليلة الماضية، غير أن التوقعات تشير إلى ارتفاعه مجددًا على مدار العام القادم بسبب تطبيق ضرائب السلع الانتقائية مؤخرًا، وإجراء مزيد من الإصلاحات في أسعار الطاقة، واستحداث ضريبة القيمة المضافة في بداية 2018. كذلك توقع أن يشهد عجز المالية العامة انخفاضًا كبيرًا في السنوات القادمة؛ إذ يُتوقع أن يتراجع من 17.2 % من إجمالي الناتج المحلي في 2016 إلى 9.3 % من إجمالي الناتج المحلي في 2017، وأقل بقليل من 1 % من إجمالي الناتج المحلي مع حلول عام 2022. ويقوم هذا على افتراض الالتزام بالمواعيد التي حددها «برنامج تحقيق التوازن المالي» للإصلاحات الكبيرة في الإيرادات غير النفطية وزيادات أسعار الطاقة، وتحقيق وفورات التشغيل والإنفاق التي حددها «مكتب ترشيد الإنفاق» حتى الآن. مرجحًا أن يستمر تمويل العجز بمزيج من عمليات السحب من الأصول والاقتراض الداخلي والخارجي.
وتوقع الصندوق أن يتحول رصيد الحساب الجاري إلى تحقيق فائض محدود في عام 2017 مع زيادة إيرادات تصدير النفط، وبقاء نمو الواردات والتدفقات الخارجة من تحويلات الوافدين في حدود منخفضة نسبيًّا، وأيضًا استمرار خروج التدفقات المالية الصافية، وانخفاض الأصول الأجنبية الصافية لدى مؤسسة النقد العربي السعودي، وإن كانت ستظل في مستوى مريح. وبالرغم من ملاحظة ضعف نمو الائتمان والودائع، إلا أنه يتوقع أن يتعافى بشكل تدريجي، وقد هبطت أسعار الفائدة بين البنوك بعد أن سجلت ارتفاعًا حادًّا في عام 2016. أما القروض المتعثرة فقد سجلت زيادة طفيفة إلى 1.4 %، ولكنها لا تزال منخفضة.
ورحَّب المديرون التنفيذيون باتجاه الإصلاحات التي تجريها المملكة في المالية العامة، واتفقوا على الحاجة إلى إجراء تصحيح مالي كبير ومستمر بوتيرة ملائمة على المدى المتوسط. مشيرين إلى أن لدى المملكة حيزًا ماليًّا كافيًا، يسمح بإجراء الضبط المالي بوتيرة أكثر تدرجًا مما ورد في «برنامج تحقيق التوازن المالي». فيما نبه عدد قليل من المديرين من المخاطر التي يمكن أن ينطوي عليها تركيز إجراءات الضبط في فترة لاحقة، مرحبين في هذا الصدد بما تنويه المملكة من مراقبة دقيقة لتأثير إجراءات الضبط والإصلاح واتخاذ إجراءات تصحيحية فيها حسب مقتضى الحال.
وأثنى المديرون على جهود المملكة لزيادة الإيرادات غير الضريبية، مشددين على أهمية إقامة نظام ضريبي فعال وكفء. وأشاروا إلى ما تم مؤخرًا من تطبيق الضرائب الانتقائية على التبغ والمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة، مرحبين بالتزام المملكة بتطبيق ضريبة القيمة المضافة في مطلع 2018. وأشار عدد قليل منهم إلى احتمال مواجهة صعوبات في الالتزام بالجدول الزمني المقرر للتنفيذ، موصين بأن تكون الإعفاءات والبنود ذات المعدلات الصفرية في أضيق الحدود.
ورحب المديرون بخطة المملكة لإجراء المزيد من الإصلاحات في أسعار الطاقة، مؤكدين أهمية ضمان العدالة في الإصلاحات المقررة، ومؤيدين إعانات الأسر المخططة لتخفيف أثر الزيادات السعرية على الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط. فيما رأى عدد من المديرين إمكانية تطبيق الزيادات السعرية على مراحل أكثر تدرجًا، بما يتيح للأسر ومنشآت الأعمال وقتًا أطول للتكيُّف معها. ورحَّب المديرون بالتحسينات التي أُدخلت مؤخرًا على إطار المالية العامة ومستوى شفافية المالية العامة، وحثوا على مزيد من التقدم في هذين المجالين. كما أيدوا المراجعة المزمعة للإنفاق العام، مؤكدين أهمية الخفض التدريجي لفاتورة الأجور وتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي ومواصلة تحسين كفاءة الإنفاق الرأسمالي.
وأشار المديرون إلى التقدم الجيد الجاري تحقيقه في تحديد وإزالة العقبات أمام نمو القطاع الخاص، مرحبين بالتشاور المكثف مع مجتمع الأعمال في هذا الخصوص. كذلك رحَّبوا بخطط المملكة للخصخصة والشراكة بين القطاعين العام والخاص، كما نبَّهوا إلى ضرورة الوقاية من مخاطر المالية العامة.
واتفق المديرون على ضرورة زيادة توظيف المواطنين في القطاع الخاص، مؤكدين أهمية النهوض بالتعليم والتدريب، ومشيرين إلى أن التواصل الواضح بشأن الفرص المستقبلية المحدودة للتوظيف في القطاع العام من شأنه تحفيز المواطنين على البحث عن فرص عمل في القطاع الخاص؛ إذ تراجع مستوى التوظيف، وارتفع معدل البطالة بين المواطنين السعوديين إلى 12.3 %، داعين إلى اتخاذ المزيد من الخطوات لزيادة توظيف النساء وتعزيز مشاركتهن في سوق العمل.
ورحَّب المديرون بالنتائج التي خلص إليها تقرير تقييم استقرار النظام المالي، التي تفيد بجودة تنظيم البنوك والرقابة عليها، مرحبين بالخطوات المتخذة من جانب مؤسسة النقد العربي السعودي لتعزيز الأطر التنظيمية والرقابية، وتطوير الإطار الاحترازي الكلي وشبكة الأمان المالي، ورأوا أن هناك مجالاً أمام المؤسسة لتعزيز إطارها المعني بإدارة السيولة.
كذلك رحبوا بجهود المملكة لتحقيق تقدم أكبر في تقوية إطارها المنظم لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، معربين عن تطلعهم لاستكمال تقييماتها للمخاطر.
واتفق المديرون على أن ربط سعر الصرف بالدولار الأمريكي لا يزال نظامًا ملائمًا بالنظر إلى هيكل الاقتصاد في المملكة، مؤكدين أن استمرار التصحيح المالي مطلب حيوي لدعم هذا النظام، ورأوا أنه من المفيد مراجعة نظام الصرف بصفة دورية للتأكد من استمرار ملاءمته للاقتصاد.
كما حثوا المملكة على الاستمرار في معالجة ثغرات البيانات، والاشتراك في «المعيار الخاص لنشر البيانات» SDDS.