د. محمد عبدالله الخازم
أعلنت وزارة الصحة ملامح خطتها للتخصيص بتأسيس شركات حكومية، تتولى تقديم الخدمات الصحية.. إلى آخره من التفاصيل. نظريًّا هناك إيجابيات، وهناك سلبيات، كما أن هناك مبالغات في شرح كل منها. سأتجاوز جدل المهتمين، وأركز على أسئلة ومخاوف المواطن. قد تكون غابت عن الإيضاح لأنها غير مهمة أو بسيطة، أو لأن إجاباتها لا تخدم خطة الترويج للمشروع. وقد تكون إجابتها غير متوافرة، وهذه معضلة كبرى. أسئلة المواطن تتركز حول أساسيات تهمه: عدالة ونوعية وجودة الخدمة الصحية لجميع السكان في مختلف أماكنهم، بعيدًا عن التعقيدات الاقتصادية والفنية والعروض المرئية المبهرة.
السؤال الأول البسيط الذي لم يتم الإجابة عنه بشكل مباشر وواضح: هل ستبقى الخدمات الصحية بمكوناتها كافة متاحة لجميع المواطنين مجانًا؟ أم أنه سيطلب من المواطن المشاركة في تكاليفها أو تكاليف بعضها؟ لا يكفي الإجابات العمومية؛ فالتأمين الذي يعرفه الناس في المملكة متواضع، ولا يغطي الخدمات كافة، ومليء بالثغرات الإدارية والتنظيمية؛ لذا يخافه الناس، ويحتاجون إلى شرح وتوضيح: كيف ستدفع الحكومة التكلفة؟ وكيف سيكون شكل التأمين الحكومي؟ وهل سيشمل جميع الفئات السكانية، وبتغطية تشمل جميع مكونات الصحة؟
السؤال الثاني هو: من سيؤسس الخدمات الصحية؟ هل ستبني الحكومة مستشفيات ومراكز جديدة في المناطق؟ هل الشركات المقترحة شركات تشغيل فقط أم شركات بناء وتشغيل؟ الكل يرى ويجمع على أن أكبر مشكلة تواجهنا تتمثل في حجم وسعة القطاع الصحي السعودي في مختلف المناطق. المواطن في أقصى الجنوب أو الشرق أو الشمال أو الغرب يسأل: هل سيتم بناء مركز طبي قريب من بيتي أم أن كل الحديث يدور حول تشغيل مستشفيات نخبوية، تحقق الأرباح لشركات يزعم أنها ستكون منافسة؟ هل سأبقى أعاني عدم توافر السرير المناسب في الوقت والمكان اللذين أحتاج إليه فيهما؟
السؤال الثالث هو: هل ستكون الشركات مشابهة لمستشفيات وشركات القطاع الخاص؟ هل ستنافس القطاع الخاص؟ أو كيف ستكون العلاقة معها؟ القطاع الخاص شكله جميل في الرعاية العامة والخدمات الفندقية للقادرين، لكنه دون المستوى في خدماته، وخصوصًا في المناطق الصغيرة والطرفية. فهل سيتحسن بعملية التخصيص؟
السؤال الرابع يتعلق بالمستشفيات الحكومية التابعة للقطاعات الأخرى، وهي تقدم 26 % من مجمل الخدمات: ما هو وضع المستشفيات الجامعية والعسكرية؟ كيف سيكون شكل إدارتها وتكاملها مع مستشفيات شركات وزارة الصحة؟ هل سيتاح للعسكري العلاج في مستشفيات الشركات الحكومية الجديدة أم لا؟ هل سيكون هناك تفرقة في الخدمات الصحية بين المواطنين؟
السؤال الخامس يطرحه العاملون في القطاع الصحي الحكومي، أطباء وفنيون وإداريون وغيرهم: ما هو مصيرهم؟ ما هي الميزات التي سيحصلون عليها؟ هل سيتم معاملتهم بالطريقة الحالية نفسها في قضية الرواتب والبدلات؟ هل سيكون هناك أمان وظيفي في ظل إشاعات بأن الشركات ستستغني عن بعضهم لعدم الحاجة أو الكفاءة؟ هل الأفضل لهم التقاعد أو البحث عن قطاعات أخرى الآن قبل بدء الشركات؟ أم سيكون هناك شيكات ذهبية من الشركات لمن يرغب في التقاعد بعد بدئها؟
الإجابة عن الاستفسارات أعلاه بطرق واضحة ستمنح الناس ثقة أكبر في التحوُّل الجديد، وهذا أمر مطلوب لنجاحه.