«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
مع بداية الصيف تعرضت العديد من شواطئ مصر وحتى لبنان وبعض دول البحر الأبيض المتوسط، لغزو من (الفاتنات الرشيقات) باعثة على الحزن ومتسببة في هروب المصطافين وعشاق السباحة في البحر، وبالتالي خسرت المنتجعات البحرية في هذه الدول نسبة كبيرة من روادها، وأخليت الشواطئ من مرتاديها هروباً من هذه الفاتنات الرشيقات. وتناقلت صحف عربية وعالمية وحتى محلية أخبار هذا الغزو، مع العديد من الصور الملونة وهي مسترخية على رمال الشواطئ، التي - والحق يقال - لم ترحب بها بل تمنت من أعماقها أنها لم تصل إليها. وقبل سنوات كانت لي مشاركة في معرض بموناكو وكان من ضمن برنامج اللجنة المنظمة، زيارة استجمامية للمشاركين لأحد شواطئ مونت كارلو، وكان مشهد الشاطئ مغرياً للسباحة فيه خصوصاً وهناك من يدفعك من الزملاء إلى مشاركته في النزول للبحر، وهذا ما حصل بعدما اقتنيت من أحد الأكشاك المنتشرة بجوار الشاطئ لباسا للسباحة. ورغم أني لم أتوغل إلى داخل البحر كثيراً مع انني وكابن من أبناء الأحساء فإنني بلا فخر أجيد السباحة، وما هي إلا دقائق وإذا بي أصرخ من شدة ألم لسعة (فاتنة رشيقة) وسرت قشعريرة مؤلمة في جسمي. فاندفع زميلي الإيطالي في اتجاهي ليرى ماذا حدث لي! فساعدني للوصول إلى رمال الشاطئ عندها تمددت وأنا أتألم وبسرعة جاء أحد المسعفين المنتشرين في منتج الشاطئ الشهير وكشف عن ساقي (الملسوع) فراح يردد اسم (قنديل البحر jeli fish)، فهو الذي تسبب في ما حدث لي وراح يتحدث بالفرنسية التي لا أعرفها. لكن صادف وجود أحد الإخوة العرب وكان جزائرياً راح يشرح لي أن قناديل البحر تسكن بكثرة شواطئ البحر الأبيض المتوسط وتسمى أيضا بـ «بالسمكة الهلامية « والفاتنة الجميلة الملعونة في آن. وهي عادة لا تقرب من الأشخاص إلا من يثيرها ويبدو أنني كنت خلال استمتاعي بمياه البحر الباردة والمنعشة لم أصدق خبراً، ورحت كما يقال أحدث إزعاجا لمن حولي من الكائنات البحرية ومنها هذه الفاتنة الجميلة الملعونة فإذا بها تلسعني؟! ولم يتردد المسعف من قيامه سريعاً بتنظيف موضع اللسعة، والحق أن من تعرض لمثل ما تعرضت له يعرف جيداً ذلك اللهيب الذي تشعر به حال الإصابة باللسع، وأذكر جيداً أثر ردة فعل جسمي، حيث شعرت بألم شديد شبيه بالألم الذي تحدثه لسعة مكاوه فجأة وبعد فتره من جلوسي داخل إحدى الكابينات والتي أعدتها لنا لجنة المعرض، شعرت بما يشبه وخز الدبابيس في رأسي وسرعاما جاء طبيب الطوارئ وحقنني إبرة ضد الحساسية وجلست بعدها عدة أيام أشعر بإرهاق وتعب من أثر اللسعة الخبيثة، وقال لي المسعف الفرنسي عبر الأخ الجزاري: إنني محظوظ كون القنديل الذي لسعني يبدو أنه صغير الحجم، فلو كان كبيراً لكانت لسعته أقوى. هذا وتجدر الإشارة إلى أن قناديل البحر أو الأسماك الهلامية تندفع بطريقة لا يمكن توقعها بحسب اتجاه الرياح والتيارات المائية، وهي تظهر على الشواطئ غالباً في أعداد كبيرة كما حدث مؤخراً في مصر ولبنان، وكما يحدث في شواطئ نيس وموناكو بين فترة وأخرى، ومن هنا يصعب على المرء السير على الشاطئ بينها..!؟ لذلك يقوم الصيادون في مناطق مختلفة من دول العالم بالاهتمام بلبس بذلات مطاطية متينة تحميهم من لسعات قناديل البحر، مع قفازات وأقنعة للحماية وحتى بدلات غوص خاصة للاحتماء من الفاتنات الرشيقات الملعونات. هذا وتتدلى من قناديل البحر مجسات سامة دقيقة مثل الخيوط تصعب رؤيتها، وهي قابلة للتمدد على نحو مذهل جداً، كما يشير إلى ذلك علماء الكائنات البحرية. وحسب ما هو منشور في أحد المواقع المتخصصة بقناديل البحر.؟!