محمد بن علي الشهري
من أهم المحاذير المتعارف والمتفق على خطورتها وسوء منقلبها، هي تلك المتمثلة بوقوع المال أو السلاح بأيدي السفهاء، لما لذلك من عواقب وخيمة لاتقتصرعلى الإضرار - بطريقة أو بأخرى - بأولئك السفهاء، بل تتجاوز ذلك إلى الإضرار بمجتمعات بأكملها؟!
كرة القدم على سبيل المثال: تلك اللعبة الشعبية التي ظلت زمناً طويلاً رمزاً للبساطة، ومتنفساً رئيسياً للبسطاء في كافة أصقاع الدنيا، سواء من خلال الممارسة، أو من خلال الفرجة والاستمتاع.. فما الذي حدث..؟
الذي حدث أنها تحولت مؤخراً إلى مطمع لبعض الدويلات (السفيهة) المتناهية الصغر والشأن التي تمتلك المال الوفير ولكنها تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الحضور كدولة ذات شأن يشار إليها بالبنان.. ولهذا اتجهت إلى مجال الرياضة، لا على طريقة الشرفاء والنبلاء، وإنما على طريقة (المافيا)، وبذلك استطاعت بأموالها أن تنشر الفساد، وأن تزرع المفسدين في مفاصل وشرايين المنظومات التي تُعنى بالشأن الرياضي على مستوى العالم، بدليل العدد المهول من المسؤولين الفاسدين الذين تم كشفهم وإيقافهم مؤخراً بمن فيهم (الرأس الكبيرة) ونائبه، إلى درجة أن تنظيم المونديال قد تحول إلى (مزاد) يظفربه من يدفع أكثر، كل هذا في سبيل حصول تلك الدويلات على مكاسب سياسية ودعائية، ناهيك عن استغلال الرياضة كوسيلة من وسائل دعم وتمويل الإرهاب في العالم؟!
الخلاصة: إن أولئك السفهاء لم يكتفوا بإفساد وشائج الجوار والأخوّة والعقيدة، ولا بإشعال نار الفتن في معظم البلدان العربية والإسلامية، بل امتدت أيديهم القذرة، وبأموالهم الأقذر، إلى الرياضة فساداً وتلويثاً!!..تبّت أيديهم.
لا تسئ ولا تعتذر؟!
لا جدال في أن الهلال ظل وما يزال الملهم الأول الذي تلجأ له الكثير من الأقلام المضادّة بـ(القدح) في سبيل اكتساب قيمة تفتقدها إن هي ظلت متقوقعة في محيطها، وبخاصة تلك التي لا تجرؤ على تناول أي شأن يتعلق بناديها المفضل.
في المقابل ظل الهلال كريماً سخياً معهم، فلم يحرمهم الاستفادة من هذا المصدر، ولاسيما بعدما تبين أن المسألة مسألة (أكل عيش).. تماماً كماهو غاية في السخاء والكرم مع عشاقه الذين لا تغيب عنهم مظاهر الأفراح والاحتفالات بتحقيق المزيد من المنجزات.
غير أن التمادي (الوقح) الذي حدث مؤخراً من بعض (المنفلتين) بحق الكيان الكبير وأنصاره، لم يترك لمن يعنيهم شأنه أي إمكانية لممارسة (حلم الكبير) الذي ظل يمارسه معهم على مدى عقود، ولكنهم لم يحسنوا تفسيره، لذلك اعتبروا المسألة (سداح مداح)، وأنه بإمكانهم أن يقولوا ما يشاءون قوله في حقه من العبارات الهابطة، وأنه لن يكون هناك من سيقول لهم يوماً: قفوا، فقد بلغ السيل الزبى، وبالقانون..؟!
المضحك أن من يرتدون جلابيب المحاماة عن أولئك المنفلتين هم من مخرجات فرقة (خيخة) ليعيدوا إلى الأذهان مقولة: (البيض الفاسد يتدحرج على بعضه).
بالمناسبة: كتب الزميل (إبراهيم بكري) يتساءل عن حقيقة سيدة الأعمال الأهلاوية المزعومة التي لا يعرفها رئيس النادي، ولا يعرف عنها أي شيء، أي أنه يتساءل فقط، ولم يصنّف النادي بكونه «يهودياً أو بوذياً أو هندوسياً» (والعياذ بالله)، ومع ذلك أعلنوا النفير وحضروا بقضّهم وقضيضهم على كل المستويات، وأقاموا الدنيا ولم يقعدوها حتى الآن، فأين هذه من تلك؟!
قبل أن أنسى: من شِدّة الزحمة واختلاط الحابل بالنابل، يقول رئيس النادي: أن مكافآت سيدة الأعمال تأتي داخل (مظاريف فخمة)، في حين أن المستشار القانوني يقول: إن تلك المكافآت تأتي حوالات بنكية؟!
القصد، وبالمختصر المفيد.. المسألة بسيطة جداً وهي: إذا كنت لا تريد أن تُسجن أو تُجلد أو تعتذر، فلا تُسئ لعباد الله، وسلم لنا على نفسك وعلى من يعز عليك.