د. عبدالواحد الحميد
على الرغم من التنبيهات التي توجهها الجهات المعنية في الدولة إلى المواطنين السعوديين الذين يسافرون إلى الخارج وتوعيتهم إلى خطورة التورط في التعامل مع أشخاص أو جهات تقوم بأنشطة غير نظامية، سواء تجارية أو غير ذلك، فإن الكثير من المواطنين لا يأبهون بهذه التنبيهات ولا يلتزمون بالتعليمات التي قصدت منها الجهات المعنية في الدولة حماية المواطنين أنفسهم من أي أذى قد يحدث لهم.
قصص متكررة ومتشابهة تحدث لسعوديين في الخارج يسقطون ضحايا لعصابات أو لأشخاص يتعاملون في أنشطة غير مشروعة، وعندما يقع الفأس في الرأس يتذكر الجميع تنبيهات وزارة الخارجية وغيرها من الجهات ذات العلاقة ولكن بعد فوات الأوان!
وآخر القصص التي وقعت هي ما جرى مؤخراً لمواطن سعودي اختطفته عصابة في مصر كانت قد أوهمته بأن لديها قطعاً أثرية ترغب في تسويقها وتبحث عمَّن يساعدها في القيام بهذه المهمة، فما كان من أحد السعوديين إلا أن حضر من القاهرة إلى الفيوم حيث يتواجد أفراد العصابة الذين قاموا بتقييده في سلاسل حديدية واستولوا على هاتفه الجوال ومبلغ ألف دولار وطلبوا منه الاتصال بذويه لتقديم فدية قدرها مائة وخمسين ألف دولار مقابل الإفراج عنه!!
وكالعادة، وقع العبء بعد ذلك على السفارة السعودية في القاهرة كي تتابع الموضوع وتبذل كل ما في وسعها لتحرير الرجل المختطف، وقد تكللت الجهود بالنجاح وبالفعل تم تحرير المواطن من خاطفيه والقبض على أفراد العصابة.
معروف أن الإتجار في الآثار ممنوعٌ في كل بلدان العالم إلا في نطاق قوانين محددة تنظم الكيفية التي يمكن من خلالها ممارسة هذا النشاط، وبسبب صرامة هذه القوانين تتم المتاجرة في الخفاء بالقطع الأثرية من قبل عصابات وأشخاص يغامرون أحياناً بحياتهم من أجل الربح الهائل الذي يحققونه عندما تنجح مغامراتهم، كما أن هناك عصابات تتاجر بقطع مزورة تبيعها بأسعار عالية على بعض المغفلين فتسلبهم نقودهم ثم يكتشفون أنهم كانوا ضحية لتحايل تلك العصابات وقبل ذلك ضحية لطمعهم وتجاهلهم للقوانين التي تمنع ممارسة تلك الأنشطة.
أسوق قصة هذا المواطن السعودي ولا أجزم أنه كان يعلم أو لا يعلم أن ممارسة نشاط الإتجار في القطع الأثرية ممنوع ما لم يكن وفق الأنظمة، لكن من الواضح أن أسلوب العصابة في تسويق قطع الآثار المزعومة كان يجب أن يوحي بشبهة ممارسة أفراد العصابة نشاط غير مشروع.
السفارات السعودية في مصر وفي غيرها من البلدان مشكورة حين تقوم بواجب مساعدة المواطنين، فهذا العمل جزء أساسي من وظيفتها بصرف النظر عن ملابسات أي حادث يقع لأي مواطن، ولكن المواطن نفسه مطالب أن يتصرف بمسؤولية وخاصة عندما يكون خارج بلده لكي لا يسبب المتاعب والأذى لنفسه ولكي لا يشغل السفارة بقضايا كان بالإمكان تفاديها.