د. أحمد الفراج
من الواضح أن قطر، وفي محاولاتها المستميتة للتحايل على قرار المقاطعة، تظن أن الغطاء الأمريكي، الذي وفرته لها الإدارات الأمريكية السابقة، وخصوصًا إدارة باراك أوباما، نتيجة الخدمات اللوجستية والمالية التي قدمتها لأمريكا، سيحميها وينقذها من غضب المملكة وحلفائها، وهذا وهم، فكما أن لأمريكا والدول الأوروبية مصالحها في المنطقة، فإن للمملكة وحلفائها حساباتهم، وإذا تعارضت مصالح الدول الغربية مع حساباتنا، فإن التاريخ يقول: إننا نكسب في نهاية المطاف، خصوصًا أن الأمر غير قابل للتفاوض، لأنه يتعلق بدعم قطر للإرهاب والجماعات الإرهابية، ومحاولاتها لزعزعة أمن واستقرار المملكة وحلفائها، وهي قضايا جوهرية تتعلق بالأمن الوطني، الذي لا يمكن التفاوض عليه، مهما كانت الضغوط من قبل بعض الدول الكبرى.
ولتذكير من يحكم قطر، فإن إدارة أوباما دعمت ما سمي بالربيع العربي، وأوكلت هذا الملف لقطر، التي دعمت هذا المشروع التخريبي، الذي كان يهدف إلى تمكين تنظيم الإخوان من حكم العالم العربي، وبعد أن تم تنحي الرئيس مبارك بأمر من أوباما، وتم إيصال التنظيم لحكم مصر، وأدرك شعب مصر حجم الخديعة الكبرى، ثار الشعب ودعمه الجيش، وتم إبعاد التنظيم عن الحكم، وبعدها اتضحت حقيقة الموقف الأمريكي، الذي لم ينحاز مع الشارع المصري، كما فعل أيام مبارك، بل وقف مع تنظيم الإخوان بكل وقاحة، في تناقض واضح وفاضح سجله التاريخ، ما يعني أن ما جرى في عالمنا العربي لم يكن مشروعًا للحرية والديمقراطية، بل مخطط لتمكين التنظيم الفاشي، ليصبح هناك نظام ولاية فقيه سني، على غرار نظام الولي الفقيه الشيعي في طهران، وهو الأمر الذي أدركته فراسة الزعيم الراحل، عبدالله بن عبدالعزيز، عندما وقف مع شعب مصر وجيشها، ضد إرادة باراك أوباما وإدارته.
كان هذا دليلاً على أن المملكة، الحليف القوي لأمريكا، لا تتواني في الوقوف بكل حزم مع مصالحها، إذا تعارضت مع مصالح أمريكا، وغني عن القول إن إدارة أوباما أذعنت في نهاية المطاف، وهذا هو ما لا يدركه من يحكم قطر حاليًا، فقد توهم حكام قطر أن الضغط الأمريكي، الذي قام به وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، أثناء زيارته للخليج، سيسفر عن التفاف على قرار المقاطعة، والتنصل من شروط التحالف، ولكن تيلرسون أدرك، كما أدرك أوباما من قبل، أنه لا يمكن الضغط على الحلفاء، إذا تضاربت المصالح، وتعلق الأمر بدعم الإرهاب، والمصالح العليا للدول، والأمن القومي، وقد جاءت تصريحات وزير الخارجية السعودي مؤخرًا من خلال هذا الإطار، وهو تصريح كان موجهًا للغرب، عندما أكَّد على أنه لا يمكن التساهل مع دعم قطر للإرهاب، وأنه لا مشكلة للمملكة وحلفائها في استمرار المقاطعة لمدة طويلة، طالما لم تلتزم قطر بشروط الرباعية، فهل ستفهم قطر أخيرًا، أم ستستمر في المكابرة؟!.