د.عبدالعزيز الجار الله
تعتقد محطة الجزيرة أن تنويهها على الشريط الإخباري بكلمة أمير قطر تميم بن حمد أنها ستوقف الشارع العربي وتحبس أنفاس العرب من أجل الكلمة، حيث قدمت الجزيرة الكلمة على طريقة:
صدام حسين، كلمة للأمة العربية أبان غزوة للكويت عام 1990م وإعادتها أثناء غزو أمريكا للعراق عام 2003م.
وهي نفسها خطابات الزعماء السابقين لدول الربيع العربي:
زين العابدين بن علي في تونس، ومعمر القذافي في ليبيا، وحسني مبارك في مصر، وعلي عبدالله صالح في اليمن، والقائد الضرورة كما يسمونه أعوانه بشار الأسد في سوريا وما زال خطابه مستمرًا بهذه الصياغة، وكذلك نصر الله في لبنان، فأمير قطر تميم اعتقد مساء يوم الجمعة أن خطابه ستستقبله الأمة الخليجية والعربية والإسلامية وسيكون مدويًا ومجلجلاً وصداه سيصل إلى الأمم المتحدة وعواصم أمريكا وروسيا وبريطانيا، ولكنه اكتشف خيبة الأمل والفشل الذريع.
اكتشف أمير قطر والإعلام القطري المحلي ومحطة الجزيرة التي كانت الرهان عليها بأن تقود ما تسميه حرب الحصار أن أحدًا لم يعلم ويتابع الخطاب، وأنه لا قيمة له، وشعر حاكم قطر أن كل يوم يمر عليه هو خسارة وطنية واقتصادية وسياسية، وأنه كل يوم يتورط أكثر مع إيران ويبتعد عن مياه الخليج العربي ويغرق في شواطئ الضفة الشرقية من الخليج العربي في المياه العميقة لإيران.
التجربة التي عاشها صدام حسين وبشار الأسد ومعمر القذافي وعلي صالح وحسني مبارك وزين العابدين بن علي سيعيشها تميم والحكومة القطرية إذا استمر بالخداع والمراوغة فالسند الذي يعتمد عليه إيران هي في نفس دائرة الاتهام، وأي ضغوط عليها ستكون قطر في حكمها، ومن أجل فكاك قطر من دائرة إيران وتركيا ستجد صعوبة ليس في العود للخليج وإنما الخلاص من إيران وتركيا.
قطر تورطت وهي تدرك أنها تورطت ما بين إيران والإرهاب، وبين دول خليجية وعربية وعالمية تحارب الإرهاب في حين أنها بين جارين قويين العرب والفرس واختيارها لإيران من الأخطاء الجسيمة، وهي نتيجة لقراءة غير دقيقة توالدت مع الربيع العربي 2010 عندما اعتقدت إيران وقطر أن العرب قطع من الجبن يمكن تشريح الوطن العربي بكل سهولة وليونة، لكن عاصفة الحزم أسقطت كل أوراقهم، ثم التحالف العربي والإسلامي والعالمي وأخيرًا المقاطعة العربية لقطر جعلت إيران المساند لقطر يعيد قراءة المشهد من جديد وبحسابات جديدة وكذلك قطر أعادت النظر في المشهد وإن لم تعلنه ولكن بعد أن كشفت أوراقها.