ناصر الصِرامي
ثلاثة أشهر تقترب من نهايتها منذ صدور الأمر السامي، من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز «بعدم مطالبة المرأة بالحصول على موافقة ولي أمرها، حال تقديم الخدمات لها، ما لم يكن هناك سند نظامي لهذا الطلب وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية».
الأمر السامي الكريم الذي يعد بداية التصحيح في ميزان حقوق وواجبات المواطنة السعودية. كوثيقة مكتوبة وتاريخية بامتياز حملت التوقيع الملكي الكريم بوصفه رئيساً لمجلس الوزراء. وهي وثيقة تعديل وتصحيح مسار حصول المرأة السعودية على حقوقها كمواطنة مكتملة العضوية وشريكة في وطنها.
المقام السامي في تعميمه الذي صدر في بداية شهر «مايو الماضي». شدد على حل الإشكالات فيما يتعلق بحقوق المرأة، كان هو بالفعل التحرك الجدي والمعلن والمنظم لتصحيح الخلل، وتفعيل نصف المجتمع السعودي نحو تحقيق فعالية اقتصادية ومشاركة اجتماعية ومنحها حقوقها الإنسانية الطبيعية.
اشرت حينها الى أنها مجرد صافرة بداية، سيتلوها خطوات أخرى، حيث نشاهد ونراقب بتفاؤل كبير قطار تحديث الدولة السعودية وهو ينطلق بإصرار وحزم وصرامة وجدية.
ومن ذلك التاريخ القريب بدأت بعض الحقوق الطبيعية والعادية تعود للمرأة، بل ومن وقتها حدث دخول شامل للمرأة السعودية لقيادة العمل والأجهزة التنفيذية الحكومية والخاصة بشكل لم يسبق بهذه الكثافة وبهذه المستويات أيضاً. فيما أصبحت حصة الرياضة للطالبات -مثلا- واقعا جديدا رغم تأخره لسنوات طوال بلا مبررات.
الأمر السامي الكريم الذي طالب من الجهات المعنية ضرورة مراجعة الإجراءات المعمول بها لدى الأجهزة الحكومية كافة، وطريقة تعاملها مع الطلبات والخدمات المقدمة للمرأة، وحصر جميع الاشتراطات التي تتضمن طلب الحصول على موافقة ولي أمرها لإتمام أي إجراء مهما كان أو الحصول على أي خدمة، مع إيضاح أساسها النظامي - إنْ وُجد -، والرفع بهذا الحصر ونتائج هذا الاستقصاء في مدة لا تتجاوز 3 أشهر، من تاريخ صدور الأمر، الخميس 4 مايو 2017.
أي ان الرفع بنتائج هذا الاستقصاء والمسح اقترب موعده، وتحديدا في الرابع من شهر أغسطس القادم، وبانتظار إصدار قرارات في هذا الشأن، بناء على النتائج المتوقعة، ومنها إلغاء الولاية أو الوصاية على المرأة السعودية المتعلمة والعاملة والمربية، الأم والأخت والزوجة، شريكتنا في الوطن بحقوقها وواجباتها وفرصها وامكانياتها وحاضرها ومستقبلها.
هناك عمل جميل في هذا الاتجاه وبروح الأمر السامي، فاليوم تقوم هيئة حقوق الإنسان بوضع برامج تعريفية بالاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها المملكة، وتبذل نساء مشرفات في مجلس الشورى جهود تنويرية وتثقيفية في هذا الشأن وتوضيح طبيعة التزامات المملكة بهذه الاتفاقيات.
النساء في السعودية ينتظرن في هذا الصيف أخباراً مفرحة، كل ما عليهن ان يترقبن ويتابعن الآن، وستكون الجهات الحكومية تحت سلطة رقابة النساء الناشطات والاعلاميات والمثقفات والمتابعات و المتضررات من التقصير في حقوقهن، لاسيما وان التوجيه والأمر السامي طالب الجهات الحكومية التي تقدم خدمات للمرأة، بنشر تلك التعليمات والإجراءات المعمول بها لديها في مواقعها الرسمية. فالحقوق هنا ستكون نظامية وقانونية ولا مجال للاجتهاد أو الأهواء الشخصية.
وهو ما يعني أن هذه الجهات والإجراءات ستكون متاحة في العلن تحت سمع وبصر الإعلام والمرأة المهتمة بحقوقها والمطالبة بحريته الطبيعية، وسنكون خلال المرحلة القادمة أمام كشف حساب الجهات المقصر أو المترددة والتي تضع عراقيل لتحقيق ذلك.
«الأمر السامي» أو كما أشير له «برنامج عمل تاريخي للمرأة السعودية» ستظهر بشكل تدريجي ومتسارع اثاره ونتائجه فالمدة المقررة على المسح ونتائج الاستقصاء لم يتبق عليها الا ايّام، ايام تفصلنا للانتقال إلى عصر جديد من المسئولية والحقوق والمشاركة وشيء من الحرية والواجبات أيضاً.
وربما في المستقبل القريب -وهو المأمول- توفير حق وحرية الحركة والتنقل - مثل إقرار قيادة المرأة للسيارة لمن يرغبن ويحتجن، كحق أصيل من حقوقهن الإنسانية.