فضل بن سعد البوعينين
على الرغم من دور الحكومة القطرية البارز في دعم الحوثيين؛ وتشكيلها مع الاستخبارات الغربية وإيران مجموعة متجانسة لدعم وتمويل جماعة الحوثي وتحفيزهم على إثارة المشكلات الحدودية مع المملكة؛ وتعظيم دورهم السياسي في اليمن وتمكينهم من مفاصل الدولة؛ إلا أنها مضت في خطها المنسجم مع دول الخليج؛ ثم التحالف العربي المعني بإعادة الشرعية؛ في مشهد متناقض؛ أحاطت به الخيانة والغدر والتآمر على السعودية ودول الخليج؛ من كل جانب. استمرت الحكومة القطرية في لعب دور العميل المزدوج؛ خلال مشاركة قواتها في التحالف العربي؛ وقدمت معلومات استخباراتية ميدانية للحوثيين وقوات علي عبدالله صالح مكنتهم من تحقيق مكاسب ميدانية وإلحاق أضرار بشرية في القوات السعودية والإمارتية على وجه الخصوص.
حقيقة لم يدهشني الدور القطري المشبوه؛ بقدر دهشتي من ثقة دول الخليج بجار السوء الذي خطط لتقويض حكمهم وأمنهم وبث الفوضى في دولهم؛ وصبرهم على الأذى والتغاضي عنه من أجل حماية كيان مجلس التعاون الخليجي الذي شكلت قطر نقطة ضعفه الدائمة. نجحت حكومة قطر في تمويل الحوثيين ودعمهم دون أن تثير أشقاءها الخليجيين؛ مستفيدة من الغطاء الذي وفرته لها الحكومة الأمريكية السابقة وأجهزة الاستخبارات الغربية؛ فكانت البديل الأمثل للتمويل الإيراني الذي عانى بسبب العقوبات الدولية؛ والرقابة المشددة لأجهزة علي عبدالله صالح قبل انقلابه على شعبه، ودول الخليج.
كتبت عام 2009 في الجزيرة، مقالاً بعنوان «تمويل القاعدة والحوثيين» أشرت فيه إلى مصادر تمويل الحوثيين في اليمن؛ وركزت على التمويل الإيراني؛ حيث أشرت إلى «أن تدفقات الأموال يمكن تمريرها بسهولة تحت غطاء المساعدات الإنسانية، أو المشروعات الاستثمارية، أو من خلال السفارات». فالسفارة القطرية كانت مصدرًا لتمويل الحوثيين بالتنسيق مع إيران وبعض الأجهزة الاستخباراتية. وفي مقالة أخرى أشرت إلى بعض السفارات الصديقة؛ وتمويل الحوثيين بأموال خليجية. لم تكن لدينا مساحة النشر المتوافرة اليوم؛ التي جاءت كرد فعل على المكاشفة والمواجهة وفواتير سداد الحساب، ولو توافرت لحُبِّرت الصحف ووسائل الإعلام بفضائح الحكومة القطرية؛ ولأمكن ردعها قبل استفحال الأمر.
موقف الدول الداعمة لمكافحة الإرهاب الحازم أخل في توازن الحكومة القطرية التي بدأت في إطلاق تصريحات دفاعية انفعالية تسببت في إدانة نفسها بدعم وتمويل الإرهاب ومنها تصريح وزير خارجيتها الذي أقر علنًا بتمويل الجماعات الإرهابية.
وزير الدولة القطري لشؤون الدفاع خالد العطية اعترف بأن قطر وجدت نفسها «فجأة وآسفة»، مُلزمة بالانضمام للتحالف العربي؛ وهو تأكيد مبطن بوقوفها ضد تحالف الشرعية في اليمن؛ وممارساتها المعززة والداعمة للتنظيمات الإرهابية وفي مقدمها جماعة الحوثي والميليشيات الانقلابية.
معلومات إعلامية منشورة تحدَّثت عن تقدم الدوحة بطلب لجماعة أنصار الله من أجل إعادة فتح السفارة القطرية في صنعاء الخاضعة تحت سيطرة المتمرّدين الحوثيين وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح؛ وهو تأكيد على وجود العلاقة المستترة خلال السنوات الماضية.
لا خلاف البتة على دور حكومة قطر المشين في اليمن؛ ودعمها الحوثيين بالتنسيق مع إيران، ثم مساهمتهما الفاعلة في تمكين الإخوان وحملهم للتحالف مع الحوثيين والسيطرة على اليمن ومن ثم استهداف السعودية. فشلت إيران وقطر والاستخبارات الغربية في استهداف السعودية من اليمن؛ كما فشلوا من قبل باستهدافها من البحرين وسيفشلون في جميع مخططاتهم القذرة؛ بإذن الله.
تمويل الإرهاب هو الملف الأكثر جاهزية لإدانة الحكومة القطرية السابقة والحالية؛ وأحسب أن تمويل القاعدة والحوثيين في اليمن من أهم تلك الملفات القذرة التي يمكن من خلالها مواجهة المجتمع الدولي وليس قطر فحسب؛ ما يستوجب العمل النوعي والاحترافي لاستكمال هذا الملف ثم تحريك قضايا دولية لمحاسبة كل من كان ضالعًا في تمويل الإرهاب الدولي؛ ثم وقف التدفقات القذرة التي تغذي التنظيمات الإرهابية في اليمن والعراق ولبنان وسوريا ومصر والسعودية.