«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
قبل أيام نشرت «الجزيرة» خبراً عالمياً عن هروب أربعة سجناء أجانب من سجن بالي في إندونيسيا بعدما حفروا نفقاً تحت الأرض.
وهذا الخبر الذي لا يخلو من دهاء يعيد للذاكرة المئات من القصص والحكايات التي سجّلها التاريخ لهروب مئات الآلاف من السجناء عبر التاريخ متفوّقين في الماضي على الحراسة المشدَّدة أو القلاع الحصينة والأسوار الشاهقة، وفي العصور الحديثة على تقنيات المراقبة وأجهزتها المعقدة.
ولا شك أن بعضنا أتيحت له الفرصة لمشاهدة أحداث هروب العديد من السجناء عبر الأفلام السينمائية القديمة وحتى الحديثة.
وحكايات الهروب قديمة قدم التاريخ، فالرغبة في الحرية هاجس دائم يداعب مشاعر وعواطف كل سجين، وكما هو معروف الكمال لله وحده, فلا يوجد على سطح الأرض نظام أمني كامل - فمهما كانت الحراسة مشدَّدة. توجد هناك ثغرات يمكن استغلالها.
ولكن لكي تخترق ذلك النظام فعليك فقط أن تجد هذه الثغرة، وتحسن المرور عبرها.
وما تحتاجه بعد ذلك حقاً في هذه الحالة هو الوقت، وسجناء كثيرون حول العالم استطاعوا الهروب.
وفي هذه «الإطلالة» سوف أشير هنا إلى أشهر حكايات الهروب في العصر الحديث والتي لا تخلو من طرافة. ومن هذه الحكايات:
في الإمارات
قبل سنوات هرب أحد الأحداث من سجن «الوثبة» الإماراتي مستقلاً نحافته.
فكان يحتفظ بقطع الزبدة يومياً وبعدما تجمع لديه كمية مناسبة.
قام في ليلة ما بدهن جسمه بها وهرب من بين القضبان وتوجه إلى منزل أسرته لكن سرعان ما قُبض عليه.
وحكاية أخرى لكن بطلها نجح في هروبه وتعتبر هي المحاولة الناجحة منذ تأسيس هذا السجن وكان صاحبها من ذوي الاحتياجات الخاصة وغير قادر على الحركة «مشلول» وقد أصيب النزيل بمرض استدعى نقله إلى المستشفى وهناك تعاطف معه الجميع وعاملوه معاملة خاصة لكنه فاجأ الجميع بفراره في إحدى الليالي من المستشفى وحاول الحراس البحث عنه في كل مكان دون جدوى!
في المكسيك
مستخدمين نفقاً بطول 10 أقدام وعرض 4، تمكّن حوالي 130 سجيناً في المكسيك من الهروب إلى الحريّة.
وصرّح حاكم السجن بأنّ السجناء بنوا النفق من داخل ورشة النجارة في السجن، ثمّ زحفوا الواحد تلوَ الآخر وقطعوا السياج الشائك قبل أن يصلوا إلى حديقة كبيرة خلف السجن ومنها إلى الحرية داخل الولايات المتحدة الأميركية.
وفيما تأسّف الرئيس المكسيكي فيليبي كالديرون على عملية الهروب الكبيرة، قدّمت السلطات المكسيكية مكافأة مالية قدرها 16000 دولار مقابل معلومات عن كلّ سجين فارّ!
في تركيا
كذلك تعتبر حكاية هروب الشاب الأميركي «بيلي هايز» من أحد السجون التركية إلى فيلم «ميدنايت اكسبرس» نظراً لما تضمنته من أحداث فبعد إلقاء القبض عليه في إسطنبول لمحاولته تهريب المخدّرات خارج البلاد، حُكِمَ على هايز بالسجن لمدة خمسة أعوام. وقبل أسابيع فقط من إطلاق سراحه.
ذُهِلَ الطالب الأميركي لمعرفته أنّه تمّ تمديد عقوبته لـ30 سنة، فقرّر عندها الهروب من الظروف القاسية في جزيرة ايمرالي.
وتمكّن من تخطّي جدران السجن ليختبئ لعدّة أيام داخل حاوية أسمنتية.
قبل أن يتمكّن من الاستيلاء على قارب صيد استخدمه للهروب إلى اليونان. وتمكّن في النهاية من العودة إلى أمريكا، حيث كتب تفاصيل حكايته من البداية للنهاية خصوصاً فترة وجوده في السجن التركي..
في أمريكا
وبعضنا لا شك أنه قرأ عن سجن (الكاتراز) الأمريكي في سان فرانسيسكو؛ فبعد أكثر من عام من التخطيط الدقيق. تمكّن ثلاثة مساجين من الهروب من سجن الكاتراز في إحدى أدقّ عمليات الهروب في التاريخ وأصعبها نظراً لسمعة هذا السجن الموجود على جزيرة.
اجتمع الرجال الثلاثة خارج زنزاناتهم ليلاً وتسلّقوا مواسير المجاري. بعد أن صنعوا رؤوساً وهمية مصنوعة من الصابون والورق والشعر ووضعوها في أسرّتهم لاكتساب الوقت.
وبعد وصولهم إلى السطح، انزلق الثلاثة على أنبوب مياه إلى الشاطئ، ثمّ استقلّوا طوفاً مصنوعاً يدوياً بأكثر من 50 معطفاً ليبحروا به إلى داخل خليج سان فرنسيسكو.
لكن لم يُعرف حتى اليوم ما إذا نجح الرجال الثلاثة في الوصول إلى الشاطئ. أم أنهم لقوا حتفهم في البحر مثل العديد من سبقوهم في محاولات فاشلة في الهرب؟! وتجدر الإشارة إلى أن حكاية هؤلاء الثلاثة وهروبهم تحولت إلى فيلم شهير.
في فرنسا
حُكِمَ على باسكال باييه بالسجن لمدة 30 عاماً بعد ارتكابه جريمة قتل خلال عملية سرقة، لكن هذا الفرنسي المحنّك لم يهرب مرّة واحدة إنّما مرّتين، قبل أن يجد نفسه للمرّة الثالثة داخل السجن.
أمّا خطط باييه الداهية في الهروب فتصلح لأن تكون سيناريو هوليوودي لما تضمّنته من مروحيات ورجال مقنّعين وأسلحة.
فبعد اختطافهم طائرة مروحية في مدينة كان، هبط أربعة رجال مقنّعين على سقف سجن غراس في جنوب فرنسا ليقلّوا باييه معهم.
وعلى رغم نجاح العملية النوعية، وعلى رغم خضوعه لعدة عمليات تجميل إلا أنّ الشرطة الإسبانية تمكّنت من التعرّف عليه، فعاد إلى السجن بعد أقلّ من ثلاثة أشهر.
هروب كازانوفا
بينما كان ساحر النساء جياكامو كازانوفا يسير في السجن خارج زنزانته وجد قضيباً من الحديد وسرعان ما أخذه وخبأه في كرسيه وعمل على تحويله إلى مسمار، وخلال بضعة أشهر ومع العمل المتواصل استطاع أن يحوله إلى مسمار مدبب وقام باستعمال هذا المسمار في زنزانته التي خطط للهروب منها عند ابتداء الكرنفال بحيث يكون المكتب خالياً من الضباط، وقبل موعد الكرنفال بثلاثة أيام أصدر مأمور السجن أمراً يقضي بنقل كازانوفا من زنزانته الحالية إلى زنزانة أفضل.
ولم تنفع كازانوفا توسلاته بأنه لا يحتاج لزنزانة أفضل وعند وصوله إلى الزنزانة الجديدة وضع خطة هروب أخرى بحيث أقنع السجين المجاور له بالهرب معه وكان يدعى «بالبي» واستطاع كازانوفا أن يقنع حارسه بأن ينقل المسمار الذي خبأه بين صحون الباستا.
وبالفعل أخذ بالبي المسمار وقام بصنع فتحة في سقف زنزانته لأن كازانوفا كان مراقباً وقام بصنع فتحة أخرى في زنزانة كازانوفا وقام الاثنان بالخروج من الفتحة والوصول إلى سطح القصر ليلاً، وكان الضباب كثيفاً واستطاعا النزول باستخدام الحبال التي وجداها على السطح إلى أقرب حجرة وقاما فيها بتغيير ملابسهما وأخذا قسطاً من الراحة حتى شروق الشمس وخرجا من ممر في القصر بعد كسر قفل كان على أحد الأبواب واستقلا قارباً، حيث اتجه كازانوفا إلى «باريس» في الخامس من يناير عام 1757م.
هذا وتزخر كتب التاريخ بالآلاف من الحكايات والقصص عن هروب المساجين وفي مختلف دول العالم..