د. خيرية السقاف
يعكس «الإعلام» تفاصيل المجتمعات البشرية..
ذراتُ طحين ثقافة أفرادِها, وعيهم, أخلاقهم, مواقفهم!
كان يكابد أن يكون مرجعا للقارئ، والمستمع، والمشاهد لكل ما يشبع حاجته, ورغبته في المعرفة، والتسلية, والتفاعل, والاستفادة, والمشاركة, والإلمام, والترفيه, دونما مساس بما يخدش سلامه النفسي, وصفاءه الذهني..
لكنه تغير شأن كل ما حدث في نقلات المعاصرة على مختلف الصُّعد بوسائلها, وأشكالها, وسبل تقديمها, بما فيها الملابس, ونمط العمارة, ووسيلة النقل, ووسائل التعليم, وحلول اللغات الأجنبية, وتقليد النموذج «البشري» مختلف المرجعيات والقيم والثقافة..
«الإعلام» المعاصر له العديد الكثير من المفردات التي يمكن أن يوسم بها من خلال مفرزاته، ومؤثراته, ومضامينه, وأساليبه, وطرق وصوله للناس!!
لم يعد وسيلة المرجعيات المسؤولة في ضوء فوضى المجتمع العالمي البشري
ارتبكت فيه «أخلاق المهنة», و»قيود الانضباط»، و»مواثيق الانتماء», و»نسيج الثقافة»، و»مرجعيات القيم»..
حين فتح بواباته ومكن في وسائله من ليس من خاصته, وحين أصبح دلوا يمتح من خلط, ويفرغ بلا انتقاء..
وحين تعثر متأثرا بمعطيات تغيُّر مناخاته, ومنافذه, وأشكاله, ووقوعه في قبضة تنافس أشكال منصاته, والمتاحات المشرعة لمن يعلم, ولمن لا يعلم, لمن يتحلى بأخلاق المهنة ولمن لا يتحلى بها, للمعتدل الناضج من المعلومات, وللمتعدي المُفرِط فيها, لما يقال ولما لا يقال, للصادق والكاذب, للصورة الخاشة وللصوت الناشز, للعطر وللعفن..
هو على مستوى كل مجتمعات العالم قد تخلى عن قيمه الأساس, وبات المكافح في الميدان يجتر ذاته, ويسبح في عناء, ويجدف في كبد..
إنه «مهنة» صعبة في هذا الزمن الذي اصطرعت فيه الناس بما تعيش من متغيرات على مستويات كثيرة الاقتصادي، والمعرفي, والثقافي, والسياسي, والمذهبي, والأخلاقي, والفكري, والعقدي, واختلفت فيه الناس على دلالاتها, ومفاهيمها, ومصطلحاتها, وتطبيقاتها..