د. محمد عبدالله الخازم
في بداية رمضان أعلن إلغاء حملة مكافحة التدخين وتوجيه التكاليف نحو العلاج. وذكر رقم كبير للوفيات الناتجة عن التدخين، لغرض لفت الانتباه للقضية، دون الاهتمام بدقتها العلمية! على ضوء ذلك كان هناك نقاش حول الموضوع، فمن يرى أن ذلك الإعلان أتبع أسلوب الصدمة على المتلقي ومفاجأته بفكرة إلغاء الحملة، وأن كل شخص يعرف ماذا يفعل ولن تنجح معه توجيهات أو تثقيف.
شخصيًا أقدر أن بعض الحملات لم تأت بالنتائج المطلوبة، لكنني أرفض فكرة المفاضلة أو الاختيار بين العلاج والتثقيف أو التوعية، فكلاهما مهم ضمن مسار الخدمة الصحية، ويجب دعم كل المجالات كما يجب البحث عن أفكار مبتكرة في التوعية والتثقيف والوقاية. وليس هناك بأس في تأجيل حملة التدخين التي كان يزمع تنفيذها طالما لم تكن ناضجة بالشكل الكافي، وليس لعدم توافر الدعم المالي لها!
يتفق الكثيرون على أن رفع الأسعار للدخان بكافة أنواعه وكذلك منع التدخين في الأماكن العامة هو الأسلوب الأمثل للضغط على المدخنين للتوجه نحو تقليص أو الإقلاع عن التدخين. هذا منهج شبه عالمي وليست بلادنا الوحيدة التي تسعى الجهات الصحية فيها إلى مكافحة التدخين. هناك تجارب أخرى تضاف إلى رفع الأسعار ومنع التدخين في الأماكن العامة. على سبيل المثال لا الحصر أذكر منها التالي:
في أستراليا هناك تجربة لتوحيد شكل وحجم علب السجائر لجميع الشركات لأنه يعتقد أن شكل العلب وطرق العرض، تستقطب بعض الفئات نحو التدخين. ربما لا يرى البعض ذلك عاملاً مهمًا، بالذات لمدمني التدخين، ولكن حتى الأمور الصغيرة قد يكون لها أثر في جذب الناس نحو منتج ما وبالذات المبتدئون. السؤال للمدخنين؛ هل لتأثير لون وشكل العلبة أو السجائر دور في التدخين أو اختيار نوع السجائر؟
في كندا يناقش تكرار الفكرة الأسترالية وتوضع أبشع الصور على علب السجائر. صور رئة مريضة بالسرطان أو أسنان سيئة بسبب التدخين أو غيرها مما له علاقة. يعتقد أن البعض سيتأثر بتلك المناظر البشعة للمرض الناتج عن السجائر أو على الأقل سيكون واعيًا بأنه يدخن ضد مصلحته الصحية. وهناك توجهات لإصدار تشريعات تمنع التدخين حتى في المنزل أو السيارة لمن لديه أطفال، وليس فقط في الأماكن العامة.
الخلاصة أن التشريعات المتعلقة برفع السعر ومنع التدخين في الأماكن العامة يتم مساندتها بتشريعات تقلل الجذب للدخان أو تجعله أمرًا مقززا ومزعجًا لمن يدخن. نحن في المملكة نحتاج تطوير تشريعات تتجاوز مجرد رفع السعر وأن نكون أكثر جرأة في فرض بعض تلك التشريعات على شركات بيع الدخان مثل تحديد شكل عبوات الدخان ووضع صور تحذيرية أكثر إزعاجًا. ونحتاج مواصلة الحملات الوقائية والتثقيفية بأشكال وطرق مؤثرة. وخصوصًا لدى الفئات التي لم تبتل بإدمان التدخين كالعادة. ولا يجب أن نضع الوقاية بمختلف مكوناتها في كفة والعلاج في كفة، بل نعمل على أنهما مكملان لبعض..
نقطة مهمة يجب عدم إغفالها؛ التدخين ليس مجرد سجائر، بل يشمل الشيشة والمعسل والسيجارة الإلكترونية وعليه يجب عدم إغفالها في تشريعاتنا المختلفة.