عثمان أبوبكر مالي
طغت على السطح خلال الأيام الماضية حالة مرضية مؤلمة، ووضع صحي مُزرٍ لأحد اللاعبين القدامى المجيدين، ممن خدم ناديه في فترة ذهبية، وحقق معه إنجازات وبطولات، سُطرت بمداد من ذهب في تاريخه، ثم اختفى؛ ليظهر مصطفى إدريس لاعب النصر السابق وهو في وضع (مأساوي)، وقد تقدم به السن، وكبر عمره، ونال منه المرض، وأصبح في حالة محزنة ومعيبة لمجتمعنا الرياضي.
حالة مصطفى التي عرفها الكثيرون تحكي جانبًا مظلمًا من واقع الوسط الرياضي السعودي، وهو أنه ــ مع الأسف ــ وسط (نكار) من لا يعمل لحاله، ويحسب لقادم أيامه، ويعد لتقدمه؛ فقد لا يجد من يقف معه عند حاجته واحتياجه، عندما يهده الحيل، أو تغدر الظروف به، وإن وجد فبعد أن تسوء حالته للآخر، ويصبح ضحية للانكسار، وعرضة للإحسان والشفقة.
الحالة الأخيرة للنجم (الذي لعب للأهلي والنصر) ليست جديدة، وإنما هي صورة متكررة، وحالة متجددة، تظهر وتختفي على قدر تمكُّن الطيبين من الوصول إلى الحالات، وعلى قدر قبول وموافقة أصحابها على الشكوى والظهور؛ ليكونوا حالة للعرض ومادة للشفقة، وربما للسخرية والتشفي عند البعض ــ والعياذ بالله ــ. والحالات أيضًا ليست وقفًا على لاعبي كرة القدم وحدهم، وإنما يدخل فيها لاعبو الألعاب الأخرى، وربما أكثر، ويدخل فيها أيضًا الرياضيون عمومًا، من عاملين وإداريين وإعلاميين وغيرهم!
في كل مرة تظهر حالة يتكرر الحديث والسؤال: من يمرون من الرياضيين بأزمات وانكسارات، ويقسو عليهم الزمن والظروف، متى يأتي الوقت الذي يجدون فيه (جهة)، يلجؤون إليها مباشرة ومبكرًا؛ لتقف معهم، وتعالج ظروفهم، وتحفظ كرامتهم، وتحتوي وضعهم؟ جهة رسمية، يتجاوزون بها أزماتهم من غير أن تهدر كرامتهم، ومن غير أن يُراق ماء الحياء في وجوههم، ومن غير أن تُحرج عوائلهم وقرابتهم وأصدقاؤهم وزملاؤهم ومحبوهم أيضًا؟! وفي كل مرة تطرح بحماسة الكثير من الآراء والأفكار والمشاريع والنداءات لإنشاء ما يمكن أن يحتوي تلك الأزمات من خلال (خطوة) وطنية عامة، أو (صناديق) خاصة للاعبين والرياضيين، أو (برامج) للمسؤولية الاجتماعية، تعمل بنظام (مؤسساتي) دائم، تهتم بتعزيز الممارسات الأخلاقية بين اللاعبين وفي المجتمع الرياضي، وتتجاوز(المبادرات) الفردية التي تنشط بقوة وحماسة في الحالات الطارئة، وقد يأتي بعدها بعد فوات الأوان..
السؤال يتجدد، والطرح يتكرر بعد حالة مصطفى إدريس، ويبقى الوضع قائمًا على ما هو عليه، ولكن إلى متى؟!
كلام مشفر
* مشروع قديم جدًّا، عمره يزيد على 40 عامًا، ظهر لوقت من أجل الحالات الإنسانية للاعبين والرياضيين، اسمه (صندوق اللاعب)، وكان يقتطع مبلغًا من دخل مباريات كرة القدم لدعم الصندوق، ثم تحول وأصبح ريعه لنشاطات أخرى، لا علاقة لها بالحالات الإنسانية!
* لاحقًا اختفى الصندوق تمامًا، وظهرت مقترحات وأفكار جديدة كثيرة، ودعوات وبرامج لإنشاء مشاريع مشابهة (متطورة)، تؤدي الغرض نفسه وزيادة، وكانت هناك توجهات رسمية من أجل ذلك، وأُعلنت وفق بيانات رسمية.
* وأتذكر هنا صدور قرار إنشاء (صندوق الوفاء) للرياضيين، وإعلان حساب له، افتُتح بتبرع بمبلغ مليون ريال، ثم كان ذلك كل ما تم من خطوات معلنة، دون أن نعرف أين ذهب الصندوق؟ وما هو مصيره؟ وماذا صار عليه؟!
* اليوم الحل - من وجهة نظري - هو أن يتبنَّى فكرة تقديم (مشروع حقيقي)، يخدم حالات الرياضيين أصحاب الظروف، ويهتم بأحوالهم وأمورهم، لجان المسؤولية الاجتماعية (النشطة) في الأندية الرياضية الكبيرة، من خلال برامجها العديدة التي تقوم بها.
* أقترح بادرة (جماعية)، تعزز توجهات هذه اللجان، وتدعم برامجها في المجال الرياضي بحيث تصل إلى فكرة عامة، تشمل الرياضيين المحتاجين في كل المجالات والمناطق، وليست أفكارًا فردية مرتبطة بألوان أو بمناطقية.
* ولعل مثل هذه البادرة تكون باكورة أو خطوة نشاط حقيقي لفكرة إنشاء لجنة المسؤولية الاجتماعية بهيئة الرياضة التي سبق أن اقتُرحت من قِبل بعض النشطاء في المجال، وعُقد لها اجتماعات، ووُضعت رؤى وأفكار، ثم اختفت (مسودة) الفكرة أو العمل في مكاتب هيئة الرياضة(!!).
* تجنبت الحديث عن المسؤولية الاجتماعية في الاتحاد السعودي لكرة القدم، رغم معرفتي بأن هناك لجنة في الاتحاد تحت اسم (لجنة المسؤولية الاجتماعية والمشاركة الجماهيرية)؛ والسبب أنني بصراحة من اسم اللجنة وجعلها (مطاطة) تحت غطاء المشاركة الجماهيرية (غسلت) يدي.