مها محمد الشريف
يعيش العالم اليوم في حيرة وقلق من التقلبات السياسية التي يعلو فيها شأن الانقسامات والتناقضات، أضف إلى ذلك قضية العرب الجوهرية «فلسطين» الفاقدة لأولويتها شيئًا فشيئًا مقارنة بالقضايا الدولية الأخرى، وأكثر من هذا، سعي قطر الحثيث لدعم الانقسامات بين القيادات الفلسطينية واللعب على المكشوف مع حماس وإسرائيل ضد السلطة الوطنية الفلسطينية.
علينا الإيمان دائما أن الدولة هي التي تضع قيمة عليا لكل الأجزاء في الحياة. تقوم عليها المجتمعات وتتلاءم مع الواقع وتكون قابلة للتكامل ولها مواقف مشروعة تعبر بها إلى تقدم ناجح تشارك به في جميع القضايا وتساهم في إيجاد الحلول السلمية وتواكب عجلة التنمية لكي تلحق بقطار الدول المتطورة، ولكن الحرب أحدثت خلطاً عجيبا بين الناس هاجرت على أثرها بعض الكوادر إلى دول الخليج وتم توظيفها ومشاركتها في القرار السياسي والسيادي. تماما كما يحدث في دولة قطر.
نجد مقاربات شبيهة لها دوافع مختلفة، ولا نستطيع القول إنها نقطة مشتركة بيننا وبينهم تتعلق بالعقل وتحتفظ بالتميز. إذن، هناك بعدًا آخر يتم توظيف الوافدين في الدول وفق إطار أخلاقي تتصدره المملكة ودولة الإمارات في أهداف استقدام الوافدين ومشاركتهم في التنمية وليس في صنع قرار سياسي تخريبي، تمتهن سيادة الدولة من أجل نزعات شخصية مريضة أقرها الحمدين في هذا النشاط تحدد المطامع في القوة والنفوذ والمكانة والتأثير.
تحلم وتطمح بعضوية قومية، فأصبحت مجموعة تتفاعل مع بعضها البعض تحكمها أنماط متباينة وتوجهات تخضع لسلوكيات غريبة. تتعاطى مع المبادئ والقوانين الأخلاقية والمعاهدات والمواثيق المشروعة برؤى مغايرة، فباتت النتائج دولة تدعم الإرهاب. معزولة وقعت في شراك المصالح.
وفي إطار هذا الجدل لاحظ العالم العربي حجم المصائب التي خلفتها سياسة الدوحة، والثورات التي أشعلتها في بلدانهم، فكلما تغيرت أهداف السياسة الهادفة للسلام ارتفعت وتيرة الصراعات واستعصى إدراك الفهم في مناخ غامض يغيب الفرد فيه عن دوره الحقيقي ويقع ضحية سياسة مضللة تشحذه بمفاهيم خاطئة حتى يمتلئ بالحقد ويفقد عروبته وقوميته.
ومن خلال مقارنة بسيطة جدًا نذكر نموذجاً للإنسان المصري. فمنذ القدم جذوره ممتدة في عمق التاريخ تعاقبت عليه أنظمة حكم سياسية مختلفة ملكية وجمهورية ومرت به حقب كثيرة لم تغيره أو ينتهي به المطاف إلى بيع ضميره وأمته من أجل صراعات تزعزع الدول العربية أو الدخول في كهف الإخوان المسلمين أنصار الاستعمار والخراب.
وهو ما دفع بعض الباحثين إلى التفاؤل بمستقبل مشرق لمصر ومرحلة هامة في تاريخ جيش مصر واقتصادها ومشروع المثلث الذهبي الغني بالمعادن، لأن دولتهم تطبق معيارًا محددًا لغايات السياسة وتستند في عملها على الكادر الوطني وعلى القوانين ومؤسسات الدولة التي تنمي العقد الاجتماعي والتركيبة الأساسية تركز على تطوير بلادها بسواعد محلية فكانت الأضواء مسلطة على افتتاح قاعدة عسكرية هي الأكبر في إفريقيا والعالم العربي.
وجاء إنشاء القاعدة العسكرية لتحل بديلا للمدينة العسكرية بمنطقة الحمام التي تم إنشاؤها عام 1993، مع دعمها بوحدات إدارية وفنية جديدة وإعادة تمركز عدد من الوحدات التابعة للمنطقة الشمالية العسكرية بداخلها، ما يعزز من قدرتها على تأمين المناطق الحيوية غرب مدينة الإسكندرية ومنطقة الساحل الشمالي التي من بينها المحطة النووية وحقول البترول وميناء مرسى الحمراء ومدينة العلمين الجديدة وغيرها.
عندما نذكر هذه الاختلافات فإننا نقيس على سياسة قطر ونقول المرتزقة سرقوا استقرارهم وتم بإتقان تشويه سمعة بلادهم، فالوعي هنا يصدر أحكاما مختلفة على الأفعال التي لم تحترم سيادة دول الجوار ومارست الإرهاب بكل أشكاله المرفوضة، ونلقي اللوم على عدة جهات أساءت لنا، لا نكاد نقول قطر إلا ونذكر إيران وفلان وفلان. خليط يحقق أرباحًا ضخمة مدفوعة الثمن لها غايات هدامة تريد تسليم الخليج لألد أعدائه.