د. أحمد الفراج
ما زلت عند رأيي أن أحد أهم إيجابيات قرار مقاطعة قطر هو السقوط المروع للحزبيين السعوديين، سواء الأصل، التنظيم الإخواني الرئيس، أو الفرع السروري، أو القطبي، أو البنائي، فالحزبيون لعبوا دورًا كبيرًا في إشعال الفتن، وتصنيف أبناء المجتمع، ومناكفة الدولة، وكانوا يستثمرون الشعارات الدينية، التي تجذب العامة، في سبيل كل ذلك، فالمجتمع السعودي بطبيعته مجتمع محافظ، ولكنه كان متسامحًا، ومتصالحًا مع نفسه ومع الآخرين، قبل أن يستطيع الحزبيون التغلغل في أكثر المجالات حيوية، أي التعليم والعمل الخيري والمناشط الاجتماعية، وتاريخ الحزبيين حافل، وكان عماده دوما التسلط على الإعلام السعودي، وعلى رموزه من المثقفين الوطنيين، لأن ضرب الإعلام ورموزه يصب في مصلحة حملات الحشد والتجنيد للتنظيم، ومصلحة الحملات المناكفة للدولة.
عندما ادلهمت الخطوب، بعد احتلال صدام حسين للكويت، وتهديده للمملكة، لم يجد الحزبيون السعوديون حرجًا في تحديد موقفهم، وفي سبيل ذلك نهجوا ذات الإستراتيجية، فقد ناكفوا الدولة، ووقفوا ضد استقدام القوات الصديقة، وأثاروا القلق والبلبلة، وتزامن مع ذلك هجومهم على الأعلام الوطني ورموزه، الذين كانوا يقفون مع الوطن، ويدعمون توجهات القيادة، ومن ينسى هجومهم الشرس على جريدة الشرق الأوسط، التي كانت صوت المملكة دوليًا في ذلك الوقت، وكانت زاوية المرحوم الوزير، غازي القصيبي، أشبه ببيان يومي عن تطورات تلك الأزمة التاريخية، ولذا فقد سعى الحزبيون، بكل وسيلة ممكنة، لتشويه سمعة الجريدة لدى المواطن السعودي، ليبقى صوتهم النشاز، والمناكف للدولة، هو الأقوى والأكثر تأثيرًا.
وبعد الهزيمة المنكرة لصدام حسين، ولكل من وقف معه، واصل الحزبيون السعوديون استراتيجيتهم في تشويه صورة الإعلام السعودي ورموزه من كتاب ومثقفين، لدرجة أن أحد مرتزقتهم من المحسوبين على قطر، تخصص في اتهام المثقفين السعوديين الوطنيين بالتصهين، وحتى قبل قرار مقاطعة قطر بفترة قصيرة، جند التنظيم بعض رموزه لمهاجمة الوطنيين السعوديين، الذين ينتقدون سلوك حكومة قطر التخريبي، ووصل الأمر درجة وصف هذا الإخونجي للوطنيين بالمرتزقة! والرعاع، ولكن قرار المقاطعة لجمهم، فأصيبت إستراتيجيتهم المفضلة في مقتل، إذ لم يكونوا يتوقعون أن يحدث ذلك، خصوصًا وأن قطر هي الممول الرئيس لهم، وهي وجهتهم المفضلة، التي يقبضون منها الأصفر الرنان، وبعد أن فضحهم الله على رؤوس الأشهاد، هرب منهم من هرب من منصات التواصل الاجتماعي، وبقي من بقي يستذكي، ويبرر مواقفه المتخاذلة، عن طريق الهجوم على الوطنيين، ووصفهم بأبشع الصفات، في محاولة بائسة لفتح جبهة حرب داخلية بين أبناء الشعب السعودي، الذين يقفون مع وطنهم، ولكنه ربما أدرك الآن، أن تنظيمه سقط، فجزى الله الشدائد، التي فضحت هذا التنظيم الخبيث لشعبنا السعودي!