رقية سليمان الهويريني
فيما مضى كان الحديث عن تنظيم النسل يعد بمثابة الكفر أو التعدي على النعم الربانية! وكان يجري الطرح على استحياء أو تحفظ أو تردد! ويعود ذلك لموروثات موغلة في الجهل تنسب غالباً للدين وهو منها بريء! أو أحاديث ضعيفة أو مختلف عليها كحديث «تزوجوا الودود الولود» حيث لم يرد في الصحيحين البخاري ومسلم، فضلاً عن أنه لا يستقيم مع الواقع! فكيف يعرف الرجل المرأة الولود وهي لم تلد من قبل!.
والحق أن ليس ثمة آية قرآنية تشير إلى أن كثرة الإنجاب هي رزق أو خير، برغم أن الله بشر بعض الأنبياء بالإنجاب بعد العقم، بيد أنه لم يذكر أنه رزق، فضلاً أن البشارة بالإنجاب اقتصرت على طفل واحد وذي صفات خاصة كما قال تعالى « فَبَشّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ».
ولئن كانت كثرة الإنجاب في وقت مضى أحد أشكال الفخر لدى الأسرة والقبيلة؛ فإنه في الوقت الحالي لا يعدو عن تحدِ أمام الدولة وعبء ثقيل عليها، كما أنه مأزق عند الأسرة التي تبدأ بالركض لتوفير المسكن والمأكل والملبس للطفل منذ الحمل والولادة ثم التربية والتعليم والعلاج ومحاولة إيجاد حياة كريمة بلا توتر أو قلق لإعاشة الأبناء وإيجاد عمل لهم وتزويجهم، لتعود الحلقة للدوران مرة أخرى.
وعليه، ينبغي التفكير والتروي والحكمة والتخطيط للمستقبل والتنظيم وعدم ترك الأمور للظروف، مع الاعتماد على الله في مواجهة متغيرات الحياة ومفاجآتها!
ومسؤولية تنظيم النسل مشتركة تعتمد على الحكومة ومنظمات المجتمع المدني والمواطنين.
وتتركز المجهودات الحكومية في القيام بتدابير حازمة للحد من النمو السكاني تبدأ أحدها بتثقيف السكان وتوعيتهم بضرورة تنظيم النسل، حسب دخل الأسرة وإمكانياتها المادية والمعنوية ليسهل الإشراف عليهم ومتابعتهم، والثاني يكون بمنح التعليم المجاني لعدد محدد من الأطفال ومن ثم فرض رسوم على الزيادة المعتمدة في الدولة، وهذه الإجراءات ستؤثر إيجاباً وستوفر الموارد التعليمية والصحية وستعمل على إيجاد وظائف مناسبة للشباب، وبالتالي الحد من البطالة والفقر، مما سيساهم بتنمية اجتماعية ومستقبل مشرق.