د. خيرية السقاف
شُغلت الناس بما يجري من حولها في شتى القضايا, ما هو داخلي استشرافي وتطلُّعي لمواكبة تحقيق رؤية بعيدة النظر تهدف لغايات، منها على سبيل المثال تصحيح مسار الاستهلاك الفردي لمعطيات الخدمات العامة, ونمط المعيشة, والتفاعل مع أدوار الفرد في أنماط المهن, وفق قدراته, ومعارفه, وخبراته, ومنها ما يشكل مفاصل حاسمة بين رفاهية غير مسؤولة ضمن الممارسات الفردية بين طبقات المجتمع باختلافها, وبين جدية أدوار ينبغي للفرد أن يتوافق بها مع مقدرات الواقع, ومتغيرات الاقتصاد, وما يتعلق به من شؤون حياة يومية, واستشرافات مستقبلية..
كما شغلت الناس بشؤون خارجية ما يقع في المنطقة العربية من أحداث، رافقتها المتغيرات المختلفة, وطوارئ ما يجري على الساحة الخليجية, والفلسطينية, والعراقية, والسورية, وفي مناطق أخرى شرقية وغربية..
ثم تلك المواقف الجذرية في علاقات الدول الكبرى أوربية وأمريكية مع متفرقات العالم الصاخب ببعضه, المتناكب بكله, العبثي في بعض شأنه, العقلاني في شيء من وعيه..
الأرض كأنها على مرجل, .. والناس شُغلت بمتَّقداته, وبحصيلته, وتخبطت في الأخذ بما يتناثر منه في يديها..
ثمة ما يبهج, وثمة ما يكدر في واقع الإنسان بعيداً عن التحديد والتقييد..
الأرض مرجل, والناس طُعْمُه..
يبقى لإنسان هذا الوطن العربي المسلم ما لابد من العناية به, وهو أخلاق الفرد فيه..
أكاد أجزم أن قِوامها قد اهتز, وأنّ بناءها يوشك أن ينقض, وأن تربتها تكاد تجف, وأن موردها شط به البعد..
ألا تتجه مؤسستا، التعليم بكامل عناصرها, ومناهجها, وأدوارها, ومراحلها, والإعلام بكل وسائله, وعناصره لدورهما الرئيس, ولواجبهما الأصيل بما أتيح لهما من ميزانيات ضخمة خُصصت لهما، سواء في داخل هذا الوطن مصدر المصدرين الربانيين للأخلاق كتاب الله, وسنّة رسوله عليه الصلاة والسلام, وهو خير نموذج للخلق ومسالكه, ومقاصده, ثم في بقية مؤسسات التعليم والإعلام في الجوار العربي..
فالمتأمل فيما شغل به الناس يدرك بلا ريب أن ثمة حاجة ماسة للالتفات إلى أخلاق الكثير من الأفراد يستوجب العمل الجاد لصد ما يُنقض أبنيتها, ويُثبِّت قِوامها, ويروي تربتها, ويضخ جداول موردها..