الجيران الذين يصدر منهم الأذى
* امرأة تقول: يصدر من جيراني أذى، ولا أزورهم في منازلهم، وإذا قابلتهم أسلم عليهم، وربما آخذ أكثر من شهر عنهم، فهل يجوز ذلك، مع العلم أنهم أقاربي وأن الظروف لا تسمح بزيارتهم؟
- جاءت نصوص الكتاب والسنة بالصلة وتحريم القطيعة للأقارب، كما جاءت بالحث على إكرام الجار «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره» [البخاري: 6019]، وهؤلاء جيران وأقارب في الوقت نفسه، ولهم أكثر من حق، حق الجوار وحق القرابة، فعليكِ أن تصليهم، وهذا الأذى الذي يصدر منهم عليكِ أن تصبري عليه وتتحملي ما يأتيكِ إلا إذا شق عليكِ الصبر، وإلا جاهدي نفسك على الصبر، وصِلي أقاربكِ وأرحامكِ، وبري جيرانكِ وأحسني إليهم تنالي من الله الأجر العظيم، أما إذا كان الأذى لا يُحتمل فلا شك أن الله -جل وعلا- لايكلف نفسًا إلا وسعها.
الأسباب المعينة على بر الوالدين
* ما هي الأسباب المعينة على بر الوالدين؟
- حق الوالدين أعظم الحقوق بعد حق الله تعالى وحق رسوله -عليه الصلاة والسلام- ومن الأسباب المعينة على برهما معرفة النصوص التي جاءت في تعظيم هذا الحق وأنه بعد حق الله -جل وعلا-، وأيضًا معرفة النصوص التي جاءت في التحذير من العقوق وأن قطيعة الرحم أمرها عظيم وشأنها خطير، فإذا كانت هذه صفتها بين الأقارب فكيف بمن هو أقرب الناس إليك وهما والداك؟ فلا شك أن عقوق الوالدين جاءت فيه نصوص كثيرة تحذر منه وتنفر وتتوعد ممن اتصف به، فإذا تصورنا هذه النصوص واستحضرناها سواء كانت الآمرة ببر الوالدين أو النصوص التي جاءت في التحذير من عقوقهما لا شك أن المسلم إن كان له قلب فإنه سوف يرعوي وينزجر ويزدجر، وإن كانت الشهوات والشبهات والران الذي غطى على القلوب قد تطغى على الإنسان، هذه الأمور مجتمعة إضافة إلى نفسه وشيطانه تعينه حتى يقدِّم بعض الحقوق على حقوق الوالدين كحقوق الزوجة أو حقوق الأصدقاء وما أشبه ذلك، لكن على المسلم أن يقدِّم ما قدمه الله -جل وعلا-، ومع الأسف أنه قد يوجد عند بعض الطلاب أو بعض الشباب الذين ظاهرهم الاستقامة من يصعب عليه أن يلبي طلب والدته بأن يوصلها إلى مكان ما، فيصعب عليه ويتذرع بأنه مشغول وأنه مرتبط ولو بدرسٍ أو بأمر خير، ولكن إذا دعاه أحد أصدقائه لرحلة أو لنزهة أو ما أشبه ذلك فإنه يخف لذلك ويبادر بالاستجابة، فلا شك أن هذا خلل في التصور، وأنه لا بد من معالجة هذا الأمر، وأن الإنسان لا يكون دينه كاملاً حتى يكون هواه تبعًا لما جاء به النبي -عليه الصلاة والسلام-، فيقدِّم ما قدمه الله ورسوله، ويؤخر ما أخره الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.
** **
يجيب عنها معالي الشيخ الدكتور/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء