د.عبدالعزيز العمر
بداية لابد من القول إن كره طلابنا للمدرسة ليس خصوصية سعودية، لكن ما يميز طلابنا عن غيرهم هو أن كرههم للمدرسة يكاد يكون كرها عسكريا عقائديا. في العموم يكره أي طالب مدرسته لكونها تضع قيودا على حريته الشخصية، وذلك من خلال ما تحدده له من نظام وقوانين صارمة أو إجراءات أو مسؤوليات يجب عليه الالتزام بها. لكن السؤال الذي يجب أن نسأله هو: لماذا يكره طلابنا المدرسة بهذه الشدة؟ بداية لابد أن نقرر مبدئيا أن الطالب يمكن أن يتنازل طوعا عن حريته متى ما قدمت له المدرسة بديلا أفضل يقبله، وهو ما لم يتحقق في مدارسنا. (الشعوب تتنازل طوعا عن حريتها للحكومات إذا ما قدمت لها حكوماتها في المقابل الأمن والعدالة). دعوني أعرض فيما يلي الأسباب التي تجعل طالبنا يكره مدرسته. يكره طالبنا المدرسة لأنها تلاحقه في البيت لتثقله بتأدية مهام منزلية كثيرة، ولأنها لا تحميه من زملائه الذين يمارسون التنمر عليه، ولأنها تتجاهل فرديته وخصوصيته وتذيبه في المجموع، ولأنها لا تكبح جماح معلم فض غليظ القلب لا يحترم عقل وإنسانية الطالب، ولأنها تجبر الطالب على ترديد نصوص مملة لا يفهمها ولا علاقة لها بحكايته اليومية المعاشة، ولأنها تحجره سبع ساعات في حجرة أشبه ما تكون بزنزانة، ولأنها تفضح ضعف درجاته أمام أسرته وزملائه في موضوع دراسي لا يحبه (المدرسة لدينا للأسف لم تعد مكانا للتعلم بل للحصول على الدرجات العالية)، ولأنها لا تقدم له الدعم التعليمي الذي يبسط له صعوبة المنهج، ولأنها لا توفر للطالب المبنى المدرسي الذي يقدم له الخدمات التي تلبي احتياجاته البيولوجية والنفسية. هل عرفتم الآن لماذا يكره طلابنا المدرسة، ولماذا يأخذون إجازاتهم بأيديهم؟