يوسف المحيميد
كثير من القرارات في بلادنا تأخذ وقتًا طويلاً، وأحيانًا مبالغًا فيه، فإقرار الرياضة في مدارس البنات احتاجت زمنًا وجدالاً في الصحافة، وفِي مواقع التواصل الاجتماعي، وانبرى ضدها مدافعون مستبسلون، يشتمون من يرى وجوب تطبيقها، وحين صدر القرار بذلك، لم يعد لهؤلاء حضور، وانتهى كل شيء، فما الذي يجعل الحوار يمتد عندنا إلى سنوات طويلة لإصدار قرار بشأن اجتماعي اعتمده العالم وتجاوزه منذ عقود، وربما قرون، من المسؤول عن جعلنا نقيع في ظلام هؤلاء الذين يسوطون كل من يخالفهم بأقذع الألفاظ الشتائم؟
تجربة دمج المراحل الأولية، وحتى الصف الثالث، تم تطبيقها وممارستها في بعض المدارس الأهلية، ولم يحدث أي من الأوهام والمشاكل التي يصورها هؤلاء المعارضين، ولو لم تكن التجربة ناجحة لتوقف أولياء الأمور عن إرسال أطفالهم إلى هذه المدارس، لذلك ليس من المعقول أن نرهن حياتنا ومستقبل أجيالنا لبضعة أشخاص يرفضون الفكرة ويؤلفون حولها القصص والأكاذيب طمعًا في نشر الخوف من تعليم الأطفال المختلط، بل وتجييش أتباعهم في مواقع التواصل الاجتماعي لترهيب كل من يؤيد الفكرة، ووضعه في قائمة تصنيف جاهزة.
يجب ألا يرهبنا هؤلاء من فكرة جيدة تسهم في صناعة المستقبل، ويشيعوا بيننا الخوف والقلق من اختلاط الأطفال في الصفوف الدنيا، فهؤلاء أطفال، مجرد أطفال، يجب أن يعيشوا بفطرتهم، وبساطتهم، ويتعلموا مبكرًا كيفية التعامل مع الأنثى بكل احترام وتقدير ورقي، يتعاملوا معها كإنسان كامل الأهلية، قادر على الحوار والتكامل، فضلاً عن تلقي العلم مبكرًا من معلمة، هي أم ومربية صالحة، وصانعة أجيال، وأكثر عطفًا وحنانًا، وقدرة على التعامل مع الأطفال في هذه السن، فالأمر لا يحتاج إلى تصويت مجتمع، ومراجعة واستشارة من ليس لهم علاقة بالجوانب الاجتماعية والنفسية، وإذا كان لا بد من لجنة دراسة للموضوع، فيجب إسنادها إلى لجنة استشارية في المجال النفسي الاجتماعي، وليس في المجال الديني، فالمسائل الخلافية يصعب إسنادها إلى فتوى متغيرة، نفقد بسببها بناء المجتمع على الوجه الصحيح، ونتأخر سنوات طويلة في التقدم نحو التطوير والتجديد، حتى تتغير الفتوى ونستدرك متأخرين كما حدث مع أمور خلافية كثيرة، أوقفت المجتمع تماما، وجمدت حراكه وتطوره الطبيعي عند مرحلة الثمانينات من القرن الماضي!
لدي ثقة كبيرة أننا لن نعود إلى حقبة ما بعد 1979 كما صرح بذلك ولي العهد في أبريل الماضي، هذه مرحلة ولى زمانها، نحن الآن على مشارف مستقبل جديد، يقوده شباب وشابات هذا الوطن العظيم، وأهم عناصر التغيير نحو طموح وطن لا حدود له هو التعليم.