ناصر الصِرامي
كتب الزميل العزيز محمد الحارثي رئيس تحرير مجلة سيدتي التغريدة التالية: (دخول الاستثمار السعودي في صناعة الإعلام الغربي خطوة مهمة ومتأخرة، المستثمر أبو الجدايل يشتري حصة في الاندبندنت).
عقبت على الخبير الإعلامي الصديق بالتالي (متأخرة جدا،وفِي الوقت والاتجاه الخاطئ استثماريا... الإعلام التقليدي في رمقه الأخير).
تفضل المستشار الإعلامي عبدالله بانخر بالرد تفاعلا ومختلف بالقول: (أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي أبدا،أغلب الوسائل الإعلامية السعودية دائماً خيارها الأول، حتى الجزيرة نشأت من رحم بي بي سي العربية السعودية!)، ثم أضاف (عفوا لا يوجد رمق أخير في محتوى متميز أين كان شكله أو وسائط للوصول للمتلقي).
اتفاق واختلاف جميل حول قصة الاستحواذ على جزء من مؤسسة إعلامية عريقة، إليكم القصة قبل مداخلتي حول هذه الصفقة، مع الإشارة إلى أن القرار الاستثماري يرجع دائما للمستثمر نفسه أو من يمثله. إلا أن جدلنا حول تحولات الصناعة الإعلامية والتغيرات المتسارعة فيها لا القرار المالي.
وفي التفاصيل استحوذ رجل الأعمال السعودي سلطان أبو الجدايل على حصة من صحيفة «الإندبندنت» البريطانية العريقة، قد تصل إلى 50%، في إطار صفقة قد تضخ نحو مليون جنيه إسترليني إلى «ديجيتال نيوز آند ميديا»، وهي المؤسسة القابضة للصحيفة البريطانية.
ووفق تقارير إعلامية، بلغت نسبة الحصة التي اشتراها أبو الجدايل بين 25 إلى 50%، ولم يتم الكشف عن الجهة التي اشترى منها تلك الحصة في الصحيفة البريطانية، ويدور الأمر بين احتمالين أولهما بيع مساهم لحصته إلى رجل الأعمال السعودي أو قيام الشركة القابضة بطرح أسهم جديدة للاكتتاب.
المتحدث باسم «الإندبندنت» أكد على وجود مستثمر جديد، منوها أنه سيسمح للشركة بالاستمرار في النمو.
ويمتلك إفجيني ليبيديف، صاحب شركة «إيسي ميديا»، وهي المؤسسة الأم لصحيفة «الإندبندنت»، حصة تقل عن 50 %، ويملك كذلك جوستين بيام شو، رئيس «مدير إيسيس ميديا» نسبة هامة من الأسهم.
مهم الإشارة هنا، إلى أن المنصة الإلكترونية للصحيفة حققت أرباحا صافية تجاوزت 1.7 مليون جنيه إسترليني في السنة حتى 2 أكتوبر 2016، مقابل 1.3 مليون جنيه إسترليني في 2015. كما تضاعفت الإيرادات من 8.2 مليون جنيه إسترليني إلى 14.3 مليون جنيه إسترليني.
طبعا اختلافي مع الزملاء مهنيا ،هو في كون مثل هذه الصفقات ليست شفافة دائما ولا يعد نصر لرجل أعمال عربي شراء حصة من جريدة لندنية لأنها تخضع لقوانين معقدة وسياسات تحريرية مفصولة إلى حد كبير عن المستثمر أو جهة الاستثمار وتلك قصة أخرى.
اختلافي في كون الخطوة متأخرة كثيرا في فهم الاتجاهات الجديدة لصناعة الإعلام المتجددة والتي تتنافس اليوم بين تطبيقاتها ووسائلها وتحدياتها التقنية.
أضف إلى ذلك انه ومع تطبيقات الإعلام الجديدة ووسائل التواصل الاجتماعي اليوم فان الاستثمار في مواقع أو الإعلام الغربي لم يعد عامل وحيد أو امثل للانتشار والتوسع،هناك طرق أقصر وأقل تكلفة تتمثل في دعم مئات الأفكار والشباب من من يحملون أفكار خلاقة تحاكي العالم والمستقبل.
قد اتفق مع الدكتور بانخر كون الاستثمار أعلاه قد يكون في المحتوى وربما أيضا العلامة التجارية، إضافة إلى تحقيق الصحيفة أرباح من منصتها الإلكترونية وهو أمر مشجع للغاية، إلا أن السؤال الذي تطرحه مثل هذه الصفقة التقليدية هو: لماذا لا يتم الاستثمار في أفكار الشباب الخلاقة محليا أو إقليميا؟
لماذا لا يوجد صندوق استثمار محلي أو إقليمي أو عربي للاستثمار في مشاريع صغيرة طموحة في الإعلام الجديد والمتجدد وشبكات التواصل الواعدة.. والتي تشكل معالم المستقبل لصناعة الإعلام؟!.