جاسر عبدالعزيز الجاسر
حتى الدول التي تختلف مع بعضها البعض والتي تصل خلافاتها إلى درجة عالية من العداء بسبب التناقض الديني أو المذهبي وحتى الأيدلوجي، بسبب تضارب المصالح والتي تشتبك لتحقيق أهدافها، أو بسبب مصالح ودفاع عن قناعاتها الدينية والمذهبية والأيدلوجية، تعمل على ألا تهدم كل جسور التلاقي حتى مع الأعداء وليس فقط من تختلف معهم نتيجة تباين وجهات النظر، وألا تقترب من الأساسيات والمرتكزات الأساسية للدول التي تختلف معها وتعاديها، إذ إن الاقتراب أو التسفيه من المبادئ الأساسية أو المرتكزات التي تعتبرها الدول من أسسها التي لا تسمح لأحد الاقتراب منها، يعد عملاً أكثر من عدائي وهو تماماً إعلان حرب ضد تلك الدولة لأنه ببساطة ينال من أسس بقائها ويجردها من أهم مكوناتها الدينية والسياسية والوطنية. لهذا تحرص الدول ومهما بلغ العداء فيما بينها، بل وحتى إن أوغلت في ممارسة الفجور السياسي والإعلامي، تحرص ألا تتورط في استفزاز وتحدي الدولة الأخرى بالعمل على تسفيه دورها الديني وتنال من مكانتها الدينية أو القومية وحتى الاستراتيجية والوطنية.
الذين يحكمون قطر الآن، والذين يصنفون لغوياً بـ»الأذن» والأذن لدى العرب هم الذين لا يرجعون لعقولهم بل يتركون لأذانهم التقاط ما يسمعونه ممن استجلبوهم كمستشارين يوجهونهم ويدلونهم على أرض الخراب.
هؤلاء المستشارون ورغم إدعاء بعضهم بأنهم خبراء ومتمرسين في العمل السياسي والاستراتيجي، إلا أن توغلهم وانغماسهم في العمل التآمري يدفعهم إلى التوغل أكثر في إعطاء الاستشارة الشريرة التي تضر، بل تدفع من يعمل بها إلى حفرة النار.
هؤلاء مستشارو شر أشاروا على حكام قطر بإعادة طرح المطالبة بتدويل الحج، هذه الفكرة التي جلبت العار والخزي لمن طرحها معمر القذافي الذين نفق في مجاري الصرف الصحي وتبعه ملالي إيران، الذين أجبر كبيرهم خميني على تجرع السم بعد حربه مع العراق، وحكام قطر يتجهون إلى إحدى النتيجتين، فقد اتجهوا في فجورهم وفسقهم فيما يقومون به ضد الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، وبالذات مع المملكة العربية السعودية إلى ما كان أحد يتوقعه أو يتصوره من بلد عربي خليجي تجمعه مع السعودية الكثير الذي لا يعد ولا يحصى، فكيف تتفق مواقف حكام قطر مع من كانت الدوافع الطائفية والحقد العنصري والعمل على محاربة المسلمين الحقيقيين والعرب الأصايل، وأن يكرروا هذيان ملك ملوك إفريقيا كيف يرتكبون هذه الجريمة التي لا يغفرها ربّ العزة والجلال الذي سخر قادة السعودية وشعبها لخدمة المشاعر المقدسة، ويأتون للمطالبة بتدويل المشاعر المقدسة، هل مثل هذا الفعل يمكن أن ينساه السعوديون، هل يعلم حكام قطر أنهم بهذا يهدمون آخر جدار بينهم وبين السعوديين وكل أهل الخليج العربي، وهل بعد هذا العمل يصبح لهم مكان في مجلس التعاون وهم الذين يتعاونون مع من يهدم أهداف التعاون.