د. أحمد الفراج
كان اجتماع وزراء خارجية دول الرباعية، المقاطعة لقطر، في المنامة حاسما، فقد كان قرار الموافقة على الحوار مع قطر، في حال رضخت لشروط التحالف، مفصليا، وهو ليس تراجعا، بل اثباتا لبعض الدول الغربية، بأن قطر تواصل سياسة التخبط والتناقض، ورسالة لهذه الدول بأن مواقفها الرخوة من مقاطعة قطر لن تخدم في حل مشكلة دعم قطر للإرهاب، فقطر تلعب على مواقف هذه الدول، وهي مواقف لا يمكن فهمها، فهذه الدول تتحدث منذ سنوات عن عزمها على مكافحة الإرهاب، الذي عانت منه خلال السنوات الأخيرة. هذا، ولكنها لم تحسم أمرها في الوقوف في صف دول الرباعية، التي تملك وثائق دامغة، تدين قطر بدعم كيانات إرهابية، وأفرادا ثبت تورطهم في دعم كل تنظيمات التطرف والإرهاب.
وزراء خارجية دول الرباعية، لم يكتفوا بدعوة قطر للحوار، بل أرسلوا رسالة ثانية، جاءت على لسان وزير خارجية الإمارات، الذي قال إن هناك خطوات تصعيدية، قد تتخذ ضد قطر، في حال استمرت في عنادها، ورفضت الانصياع لشروط التحالف، ما يعني أن دول الرباعية تفضل إنهاء هذه الأزمة، ولكنها لن تتنازل عن أي من شروطها، بل ستصعد أكثر، وهذا ما يبدو أنه سيحدث، إذ أن قطر ماضية في المكابرة، والاستماتة، لتصعيد الأزمة، عن طريق افتعال المشاكل، وعن طريق الحرب الإعلامية الشرسة، سواء عن طريق قناة الجزيرة، أو منصات التواصل التابعة لها، أو وسائل الإعلام الغربية، وبعض كتابها، من شاكلة ديفيد هيريست، الذين يعتاشون على الريال القطري منذ سنوات.
كتبت كثيرا بأن مشكلة حكام قطر هي أنهم يعلمون حجم الجرائم التي ارتكبوها، في حق بلدان ما يسمى بالربيع العربي، ويعلمون بأن دعمهم لتنظيمات الإرهاب لن يمر دون عقاب، وأن حسابهم سيكون عسيرا، في حال قبلوا بشروط التحالف، وبالتالي فهم يريدون تعقيد الأمر، وإطالة أمد الأزمة، معتقدين بأن هذا سيكون حبل نجاة لهم في نهاية المطاف، وهم واهمون في ذلك، فدول الرباعية لم تتخذ قرارها بالمقاطعة وهي تنوي التراجع، ولا يمكن لها أن تتراجع تحت ضغوط أصحاب المصالح، الذين تستقوي بهم قطر، تحت أي ظرف، وقد وضح ساسة دول الرباعية ذلك بلا لبس، في كل محفل، وتعلم الدول الغربية أن المملكة لها سابقة في اتخاذ قرارات تعارضت مع المصالح الغربية، وكان آخرها موقف الملك عبدالله رحمه الله، عندما وقف في وجه باراك أوباما، واتخذ قراره التاريخي بدعم شعب مصر وجيشها ضد تنظيم الإخوان، فعندما تتعارض المصالح الغربية مع مصالح المملكة وحلفائها، فإن مصالحنا مقدمة، ولن يتم الخضوع لأي ابتزاز تحت أي ظرف، فهل يا ترى ترعوي قطر، أم تستمر في تخبطها، وتضطر دول الرباعية للتصعيد؟!، والواضح أنها ستستمر في المكابرة، وسيطول أمد الأزمة، وتخسر في نهاية المطاف.