ماجدة السويِّح
"نورة "وفعلها العظيم في شد أزر أخيها مؤسِّس السعودية الملك عبد العزيز -طيّب الله ثراه- بعثت من جديد في نفوس وتاريخ الفتيات السعوديات، بعد أن أطلق الملك عبد الله بن عبد العزيز -رحمه الله- على جامعة الرياض آنذاك اسم نورة عرفاناً وإيماناً بفضلها في دعم وتوجيه المؤسِّس لتوحيد المملكة العربية السعودية.
فغدت قصة "نورة" وانتخاء الملك عبد العزيز بها -رحمه الله- أشهر من نار على علم في حياة الفتيات الصغيرات، رغم البعد التاريخي والاجتماعي، وبفضل التسمية المميزة لجامعة البنات، التي سلّطت الضوء على رمز نسائي مؤثر وملهم في التاريخ السعودي، خلافاً للسياسة المعمول بها قديماً وحتى الآن في ترقيم القطاع التعليمي لمدارس البنات دون البنين، فعلى سبيل المثال مدرسة ابن خلدون للبنين يقابلها المدرسة الخمسون للبنات!!
فحين أحاول تفسير عملية التمييز بين تسمية مدارس البنين بشخصيات عظيمة ومؤثرة في التاريخ، وترقيم مدارس البنات أعجز عن إيجاد تفسير منطقي، ولا أَجد لها مبرراً ومسوغاً سوى أنّ وزارة التعليم لا ترى الفتاة سوى رقم يضاف والسلام، دون تفكير بجانب القدوة وبث الإلهام في نفوس الفتيات اللاتي لم "يطلن من الحب جانباً" في سياسة وزارة التعليم المتبنية والمحفزة والملهمة للبنين دون البنات.
صنع الرموز وإحياء ذكراها فن تعشقه كل الأمم والثقافات في كل بقاع العالم، وتتفنن في تقديمه للأجيال القادمة كقدوة حسنة للاحتذاء بها ، وإلهام الأطفال والمراهقين بالقوة والنجاح، فكيف تجاهلت وزارة التعليم الآلاف من أسماء الرموز النسائية الملهمة والمؤثرة قديماً وحديثاً من تسمية مدارسنا بأسمائهن، بدلاً من تلك الأرقام التي لا تسمن ولا تغني من جوع؟! بل أضافت بعداً مبهماً وغموضاً عن ماهية منسوبات وطالبات المدرسة السابعة أو "المدرسة الثلاثون" ، ورسالتهن في الحياة.
في تاريخنا الإسلامي والعربي تحديداً العديد من الأسماء والشخصيات النسائية المؤثرة والفاعلة في المجتمع، والتي تعتبر قدوة حسنة، وقوة ملهمة في حياة الفتيات المليئة بأسماء المشاهير من كل حدب وصوب، إلاّ من تاريخهن وثقافتهن العربية والإسلامية.
فكم من فتاة تجهل اسم رفيدة بنت سعد الأسلمية أول ممرضة في الإسلام ، واسم الطبية السعودية هويدا القثامي الرائدة في جراحة القلب. وتحترف في معرفة الفاشينيستا في كل دول العالم ومشاهير السوشال ميديا.
إحياء الرموز النسائية ودورهن المؤثر في الحياة الاجتماعية قديما أو حديثاً ، هي مسؤولية تقع على عاتق وزارة التعليم ووزيرها د. أحمد العيسى ، الذي أرجو أن يخطو خطوة رائدة في تسمية مدارس البنات في التعليم العام بأسماء شخصيات لهن الفضل والأثر فيما نحن فيه نعيم وثراء فكري ومادي ، وإنهاء حقبة من الركون للمجاهيل من الأرقام، لإحياء رموزنا النسائية الملهمة في حياة الفتيات. وأخيراً.. لتكن مدارسنا على خطى" نورة" ملهمة مؤثرة ومحفزة لهمم الصغيرات ، باعثة على التفكر وبث القدوات في يوم الطالبات الدراسي.