سامى اليوسف
التحكيم هو العمود الفقري لأي بطولة رياضية، نزاهته ونجاحه يعني الثقة والنجاح للتنافس الرياضي القائم على القيم والأخلاق.
التحكيم المحلي في كرة القدم السعودية يعيش أسوأ فتراته، فأزمة الثقة باتت مثل كرة الثلج تكبر بعد كل مباراة، وجولة، وهذا يعود لسوء الإدارة، وفشل خطط التطوير التي لم تؤسس على أرضية صُلبة، وها نحن نقطف أسوأ النتائج على الرغم من تحذيراتنا المتكررة مطلع كل موسم.
إدارة التحكيم، حل اللجان وإعادة تشكيلها تدور في حلقة مفرغة، وسياستها «أبعد حكم وهات حكم»، بدون طرح مختلف، أو تفكير من خارج الصندوق، ولم تعتمد وضع «الرجل المناسب في المكان المناسب» للأسف.
لن أتحدث بالتفصيل عن الماضي «الارتجالي»، ولكن أقول مُعلّقاً على الحاضر: إن إدارة «اتحاد عزت» اتخذت قرارًا صائباً بالاستغناء عن عمر المهنا، وقابلته بقرارٍ خاطئ بتكليف مرعي عواجي، فأصبحت المحصلة «صفر»، ولكن ينبغي للإنصاف والموضوعية أن نشيد بقرار الاتحاد الجديد في رفع عدد مرات الاستعانة بأطقم التحكيم الأجنبي إلى 8 مراتٍ، فهذا علاج «مُسكن» ولكنه ليس جذرياً لمرضٍ صار مزمناً.
كنت أتمنى أن يُفتح باب الاستعانة بالحكم غير السعودي على مصراعيه وأن لا يتم تقييد هذا العلاج المسكن برقم معين لضمان الثقة وعدم عودة نغمة التشكيك مجددًا.
الموسم الفائت، وفي 3 أيام متتالية، ارتكب 3 حكام دوليين، في تقييم لجنتهم هم الأفضل، أخطاء فادحة ومؤثِّرة غيَّرت مسار ونتائج 3 مباريات تنافسية ومصيرية في بطولتين هامتين، وهذا كفيل بأن نصدر حُكماً حول التحكيم المحلي بأنه إن لم يكن يراوح في مكانه، فهو يتراجع بشكل مخيف، أو يحتضر..!
مواقع التواصل الاجتماعي تضج بأصوات المنتقدين، وكذلك الحال بالنسبة للبرامج الرياضية، وأعمدة الصحف، ما يعني أننا أمام أزمة حقيقية. إن أسوأ الأخطاء، وأشدها مرارةً على النفس تلك التي تقع من النخبة، أو الصفوة في أي مجتمع، والمثل الإنكليزي يقول: «إن أسوأ الفساد، فساد الأفضل»، ونعني بالفساد هنا بجملة الأخطاء البدائية والمؤثِّرة التي تفسد متعة المباريات وتغيّر نتائجها، وذلك منعاً للتأويلات السلبية.
الغريب والعجيب أن ثمة أصواتاً تُسمع تطالب بتقليص وجود الحكم الأجنبي في ظل تردي مستويات الحكم المحلي، وهذه الأصوات لا يهمها نجاح مشروع المنافسة في كرة القدم السعودية، وأزيد جازماً بأن من يطالبُ بتقليص عدد أطقم الحكام الأجانب في ظل الأخطاء الكوارثية للتحكيم المحلي.. باختصار: لا يريد مسارًا طبيعياً أو خيرًا للبطولات المحلية.
لا نختلف على أن الإعلام الوطني يجب أن يساند الحكم المحلي، ويساعده في تجاوز أزمته، ولكن يجب على الحكم أن يعمل جاهدًا على تطوير ذاته، ومستواه، ويقنع الإعلام بجدارة أحقيته بالدعم والمؤازرة، فالإعلام يدعم الناجحين في كل بلدان العالم.. ولنا عودة.