فهد الحوشاني
في احتفال كبير، كنت أشاهد عرضا عسكريا لمختلف القطاعات على القناة الفرنسية قبل عدة أيام، حيث شاركت القطاعات العسكرية بعروض شاهدت مايماثلها في عدد من المناسبات في مختلف الدول ـ لكن مالفت نظري هو عندما جاء دور مرور عربات الدفاع المدني ـ فتغيرت حال ومزاج للجمهور لتلتهب الأكف تصفيقا وتلهج الحناجر صراخا وهتافا مع مرور تلك العربات. وكان المذيع يترجم مايقوله الجمهور حيث تكررت كلمة (شكرا) موجهة لرجال الدفاع المدني. انتهى المشهد الفرنسي وبدأ في رأسي عرض مشهد محلي يتكرر عرضه، لايدل على أن الدفاع المدني لدينا يحظى بما يحظى به غيره في الدول المتقدمة، أقول ذلك بمرارة وأسف رغم مايبذله هذا الجهاز من جهود وما يقدمه من شهداء! المشهد المحلي الذي شاهدته قبل أيام يتلخص في أن عربة للدفاع المدني غالبا تقف محشورة بين السيارات دون أن يبادر أحد للإفساح لها، وهذا أيضا يتكرر مع سيارات الإسعاف! وهناك من يفسح المجال على حذر لكنه سرعان ما يرتد بحركة هجومية ليصطف خلف سيارات الدفاع المدني ليستفيد من تجاوزها الزحام في حال أن تفضل عليها بعض السائقين بالمرور! لماذا في الدول الغربية يقدرون جهود رجال الدفاع المدني ويفسحون لهم الطريق، بينما هذا لايحصل عندنا بنفس الصورة! في شوارع أمريكا سيارات الدفاع المدني تتجاوز الإشارات بأقصى سرعتها لثقة أن الكل سوف يفسح الطريق ولقد شاهدت أن السيارات ترتمي بسرعة على جانبي الطريق حتى تمر سيارات الدفاع المدني! مايحصل عندنا مأساة تتعطل معها خدمات الإنقاذ، وقد تحترق البيوت والمحلات ويموت محاصرون في منازلهم بسبب ثقافة مترسخة عنوانها الرئيسي (الأنانية) التي تسيطر علينا في شوراعنا!! لن تتغير الا بعدد من الإجراءات من ضمنها سن قوانين تعاقب من يعطل سير سيارات الدفاع المدني أوالإسعاف! لكن إذا ترك الحال كما هو عليه سيبقى الاجتهاد والمعاناة مستمرة.وستبقى مبادرة الدفاع المدني لمباشرة حادث حريق اوغيره بالسرعة المطلوبة هي مجرد أمنية، لأن هناك من يعطل حركة تلك السيارات. وأعتقد أن من المهم أن يصل للناس ما يقوم به رجال الدفاع المدني من جهود كبيرة فهم من يتصدرون للحرائق والحوادث وإنقاذ الغرقى والمحاصرين في مواسم المطر، رغم أن بعض من يتم إنقاذهم في مجاري السيول من ( أهل الهياط) يحتاجون للعقاب بعد أن يصلوا إلى بر الأمان.
أتمنى أن أجد يوما نفس المشاعر التي رأيتها من المواطن الفرنسي لدى المواطن السعودي، وهذا برأيي سيكون ممكنا بعد سن قوانين تعطي الأفضلية لمرور سيارات الدفاع المدني والإسعاف ونشر ثقافة الاحترام وتقدير جهود من «يفادون» بأرواحهم ويقدمون الشهداء الذي ضحوا بحياتهم من أجل سلامتنا، فأولئك الابطال ليسوا أقل من غيرهم في شيء ويستحقون رفع العقال لهم تقديرا واحتراما لجهودهم الكبيرة التي يبذلونها على مدار الساعة.