سعد بن عبدالقادر القويعي
لم يأت إغلاق الملحقية الثقافية، والمكتب العسكري بسفارة إيران في الكويت، وخفض الدبلوماسيين من 14 إلى 9، وذلك على خلفية قضية خلية العبدلي من فراغ، فالنشاطات المشبوهة لتلك الملحقية، ومكتبها العسكري جعلت من بقائها خطرا يهدد الأمن القومي، ويعصف بسيادة دولة الكويت على أراضيه، والتي تعني التوسع، وبسط النفوذ الإيراني ليس في منطقة الخليج العربي - فحسب - بل في عموم منطقة الشرق الأوسط، مستغلة جملة من العوامل، والظروف الدينية، والسياسية، والتاريخية، والاقتصادية؛ لتحقيق أهدافها المنشودة.
اتخذت السفارات الإيرانية في مختلف الدول - العربية والإسلامية - تلك الملحقيات، والمكاتب منطلقا لنشر الفكر الرافضي، والعمل تحت غطاء ثقافي، ودبلوماسي. كما اتخذت عدداً من الأساليب الناعمة لنشر التشيع، والترويج للكتب، والرسائل المحملة بالفكر الشيعي، ونشر اللغة الفارسية، وغيرها من المناشط ذات الصلة بنشر المذهب، ورعايتها بعناية، - إضافة - إلى تقديم المنح الدراسية للجامعات الإيرانية ؛ من أجل تعبئة الجيل المستهدف، وتحديد، وصياغة، وجهات نظرها نحو المستقبل من منطلق طائفي، وبناء الخلايا، والشبكات التجسّسية، والجماعات الإرهابية، والتنظيمات السياسية المعارضة في كثير من دول الخليج العربي، وهو ما يؤكده الخبير الإسرائيلي في الشئون الإيرانية - الدكتور - رونين سولومون، بأن المستشاريات الإيرانية هذه لا تعدو أن تكون واجهة لنشاطات أخطر، تشغل إيران مراكزها الثقافية برعاية سفاراتها، وقنصلياتها في العديد من الدول التي تحوي على أرضها جالية إيرانية، ومسلمة، وتستخدم هذه المراكز لنشر مبادئ الثورة الإسلامية، وتجنيد مؤيدين محليين، واستخدامهم كبنية تحتية لوجيستية للنشاطات الاستخبارية.
تتسم السياسة الخارجية الإيرانية بطبيعة معقّدة، ومتشابكة بالإثارة، والمراوغة، وتوزيع الأدوار، واللعب على عامل الزمن. وما آلت إليه الأوضاع في المنطقة العربية؛ نتيجة للأطماع التوسعية الإيرانية، يقتضي إغلاق نشاطات الملحقيات الثقافية، والمكاتب العسكرية الإيرانية، بعد أن تدرج الأمر إلى تغلغل استخباري، وتدخل سياسي، وشراء للذمم، وبث روح الفُرقة، وزرع لحقد الطائفية، ثم انكشف الغطاء عن نشاط الاستخبارات الإيرانية، والتي تعتبر قواعد لوجيستية لعمليات تجنيد العملاء، وتكوين خلايا لخدمة ملالي طهران، ونشر الفوضى في الدول، وغرس الفكر التوسعي الإيراني.