خالد بن حمد المالك
حسناً ما فعله سعود القحطاني المستشار بالديوان الملكي والمشرف على مركز الدراسات والشؤون الإعلامية في تغريداته، فقد أوضح ما كان غائباً أو مجهولاً قبل أن تصل إلينا تغريداته، ففيها الكثير من الحقائق والمزيد من المعلومات التي تدين قطر، وتُعرِّيها في كل ما أقدمت عليه من تآمر غير مبرر على دولنا، ومن إرهاب وصل إلى عمق الكثير من الدول العربية في المشرق والمغرب، ولا أدري كيف سيكون الموقف القطري أمام هذه التغريدات الموجعة، وكيف لها وقد وثق عدوانها.. -كما في تغريدات القحطاني- على هذا النحو أن تدافع عن نفسها، وأن تتبرأ مما أثبته المستشار سعود القحطاني، خاصة وأنه قد أشار إلى حقائق أخرى سيعلن عنها في تغريدات قادمة، ربما وصلت إلى تكبيل شيوخ قطر بالمزيد من الإدانات التي لا تملك الجهات المسؤولة في قطر ما تنفي به ممارساتها العدوانية.
* *
فالتغريدات (القحطانية) أضافت حقائق جديدة، وذكّرت الواقفين على الحياد، أو أولئك المتعاطفين مع الموقف القطري، بأن قطر لم تترك فرصة أو مناسبة تمكنها من الإساءة إلى بلادنا إلا واستثمرتها ووظفتها، كما تشير إليه هذه التغريدات، فكيف لعاقل ومحب لدولته أن يتفهم سلوكاً عدوانياً كهذا، ويقبل بتحريض بمثل هذه الخطورة ضد دولته، ولا تحركه النخوة والشهامة والغيرة وحب وطنه للاصطفاف مع المخلصين في الذّب والدفاع عنه، إلا إذا كان هؤلاء يفتقرون إلى الحس الوطني في مثل هذه المواقف، وأمام مثل هذه التحديات، وفي ظروف بالغة التعقيد،كهذه التي تمر بها منطقتنا ودولنا، وتُستخدم فيها قطر بوابة للعبور إلى حيث إيذائنا، ما يجعلنا نركز على استيعاب ما حملته هذه التغريدات بالفهم، باعتبارها إضافة مهمة ضمن الوثائق التي تدين قطر، وتؤكد على أنها دولة معادية وإن كانت منا، بسبب الأجندة المستوردة التي تقوم عليها سياسة الدوحة.
* *
ربما قال بعضهم إن سعود القحطاني لم يأت بجديد، وهذا كلام صحيح، واستنتاج في محله، إذ إن الحقائق الدامغة على إرهاب وعدوان وتطرف قطر لا تحتاج إلى مزيد من التأكيد، فقد فُضح شيوخ قطر من قبل بالأصوات المسجلة، والتواقيع الموثقة، والمؤامرات التي أعلن عنها، ولكن المهم في هذه التغريدات أنها تُعمِّق الجرح القطري النازف بالمؤامرات، وتكشف أكثر عن كذب النظام القطري، ومحاولاته التضليلية للهروب من المحاكم الجنائية، تجنباً لأخذ حق المتضررين من إرهابه وعدوانه وتحريضه، وإذا ما تواصلت المعلومات الموثقة، واستمر زخمها، فإن ذلك سوف يُعطِّل المكنة الإعلامية القطرية ويضعها في حالة إفلاس، وكلما كانت هناك حقائق جديدة،كان النظام القطري في حالة ضيق واختناق واضطرار للقبول بأي تسوية لإنهاء هذه الأزمة، على قاعدة قبول قطر بالثلاثة عشر مطلباً، وتنفيذها مع الضمانات.
* *
يقدم سعود القحطاني معلومات خطيرة وغاية في الأهمية عن تعامل الإعلام القطري مع زيارة الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة الأمريكية، وهو - بنظري - كما سيتضح أخطر مما تعاملت به حتى وسائل الإعلام الأمريكية، إذ يلاحظ الدّس والتحريض ومحاولة إفشال الزيارة التاريخية، ومع أن زيارة الأمير حققت من النجاح ما كان مخططاً لها، ولم يكن للإعلام القطري تلك القدرة على الاختراق لإفشال الزيارة وتوتير العلاقات السعودية - الأمريكية المتجذِّرة، إلا أنه من باب زيادة الضغط على قطر، يجب أن تُذَكِّر بمثل هذه المواقف، لعل شيوخها والنافذين فيها يعيدون حساباتهم في هذه السياسة العدوانية التي أصبحت سمة تعامل الدوحة مع أشقائها وجيرانها ودول أخرى كثيرة، كما تفعل الآن بمشاركتها الفاعلة في الجرائم التي ترتكب لقتل الأبرياء في ليبيا واليمن ومصر وسوريا والبحرين والعراق ولبنان، وحتى المملكة والإمارات.
* *
فبينما كانت المملكة تنتظر من أمير قطر أن يوجه الإعلام القطري، أو ذاك المحسوب عليها، بحكم أنها مصدر التمويل، بأن يساهم في إنجاح الزيارة، فإذا بهذا الإعلام الكريه لا يكتفي بالتزام الصمت، وإنما مارس كل أساليب التحريض، والتشويش، وزرع الفتنة، والخلافات بين الجانبين السعودي والأمريكي، وبشكل لا يمكن تفسيره إلا على أنه عقدة نفسية تعاني منها قطر ضد المملكة، منذ انقلاب الشيخ حمد بن خليفة على والده الشيخ خليفة آل ثاني، وحتى مع التنازل الشكلي لابنه تميم وإلى اليوم، وهذا التحليل أو التفسير للحالة النفسية القطرية، لا نقول به وحدنا، وإنما هو وضع تلبّس المسؤولين القطريين، فإذا بهم يكونون هكذا في تصرفاتهم، ويأخذون هذا المنحى في علاقاتهم، وهذا كله معروف لدى الجميع، ناسين أو متناسين بأنه لا خيار لهم بعيداً عن أشقائهم الخليجيين وأمتهم العربية، وأن البديل الإسرائيلي أو الإيراني أو التركي غير ممكن، كما أن الإخوان المسلمين وحزب الله والحوثيين لن يكونوا العضد المناسب في التصدي لما تواجهه الدوحة من التحديات.
* *
يقول معالي الأستاذ سعود القحطاني في أهم وأحدث تغريداته إن قطر تنفق المليارات لشراء الذمم، وهذا أمر مثبت بالأدلة، وقد تم تنبيه السلطة القطرية مراراً لذلك، لكنها استمرت في انتهاج سياسة الكذب والإنكار تارة، والبكائيات وادعاء أنها غلطة أو أمر غير مقصود، واستشهد بذلك في تحريض قناة الجزيرة ضد المملكة عند زيارة الأمير محمد بن سلمان لأمريكا، فقال: من الأمور القريبة التي لا يمكن أن أنساها شخصياً ما قامت به قناة الجزيرة يوم وصول الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة الأمريكية لمقابلة الرئيس ترامب، إذ كانت الزيارة في ظل شحن إعلامي كبير، وأن موقف الرئيس والسياسة الأمريكية ستكون عدائية تجاه السعودية، وخاصة في موضوع (جستا) ومضى في القول، وفور وصولنا للولايات المتحدة الأمريكية فوجئت بأن قناة الجزيرة الإنجليزية تبث تقريراً على رأس كل ساعة يزعم دعم السعودية للإرهاب والتطرف، ويدعي تورط الحكومة السعودية في أحداث 11 سبتمبر، وتسببها في معاناة أسر الضحايا، مشيراً هذا التقرير لدعم الحكومة السعودية لما يصفونه بالتيار الوهابي.
* *
يضيف القحطاني ضمن تغريداته: كانت القناة تكرر بشكل مستمر ما قاله الرئيس ترامب عن قانون (جاستا) وأن أسر الضحايا والشعب الأمريكي ينتظرون تفعيله، فاتصلت بسيف بن أحمد آل ثاني وأخبرته بامتعاضنا مما حصل، وبعد ثلاث ساعات اتصلت به مجدداً بعد أن لاحظت تزايد الحملة ولم يرد على الاتصال، ثم اتصل بي وقال إنه لم يتمكن من الوصول إلى (يتيم المجد) ولا لوالده!!، فقلت له منذ أن بدأ التنسيق بيننا منذ شهرين وأنت تتصرف مباشرة بكل ما يخص قناة الجزيرة العربية والإنجليزية، وذكَّرتهُ بأنك حين كنت بالرياض وظهر موضوع سلبي وأخبرتك اتصلت بنفسك على غرفة الأخبار وأمرتهم بالتوقف فوراً، وأكثر من مرة اتصلت بك وتم التصرف في غضون دقائق! فلماذا الآن يجب أن تأخذ توجيهاً؟ فكان رده مرتبكاً، ولم أفهم منه شيئاً!! ثم أرسلت له بعدها بـ(الواتس آب) رابط موضوع وتقرير تلفزيوني بثته قناة موقع الجزيرة ولم أعلق، وقال: سأتصرف حالاً، وبالطبع لم يحصل شيء، واستمرت الحملة طوال الزيارة، وبعد عودتنا اتصل بي وقال: لقد تمت إحالة موظفي قناة الجزيرة الإنجليزية للتحقيق! قلت له الوقت فات، والضرر حدث!
* *
وبينما الحقائق والإعلان عن جرائم ومؤامرات قطر لا تتوقف، وتغريدات القحطاني تطاردها، وتضعها في زاوية ضيقة، فلن نستعرضها كلها، ولكننا نتوقف في آخر هذا المقال عند استشهاد سعود القحطاني بحملة قناة الجزيرة على المملكة أثناء تواجد القوة الأمريكية في قاعدة الخرج بقوله: هل تذكرون الحملة الشرسة التي قامت بها قناة الجزيرة ضد المملكة عبر استضافتها لرموز قادة ما يسمى بتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، الرسالة الرئيسة التي كانت تبثها مفادها: أن خروج (الكفار) شرط ضروري لإيقاف ما وصفته بالعمليات الجهادية في السعودية، وكان تركيزهم الهائل على تواجد القوات الأمريكية في قاعدة الخرج، ووجهوا المنشقين السعوديين بالخارج لتكثيف خطابهم الإعلامي حول ذلك.
* *
ونحن نتساءل مع القحطاني، كيف اختفى العنوان الرئيسي للتكفيريين (أخرجوا الكفار من جزيرة العرب) بعد انتقال القوات الأمريكية إلى قطر لتكون أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة، وكم من الدماء السعودية الطاهرة التي صرفها تنظيم الحمدين لنقل القاعدة الأمريكية لقطر، وكم من شاب انضم للتنظيمات الإرهابية بسبب حماقات تنظيم الحمدين، دون أن يستوعبوا الدرس، أم أنهم ينتظرون ما قاله المستشار بالديوان الملكي بأننا لن ننسى شهداءنا، وأن تسوية الحساب قربت، و(توّنا ما بدينا).