أكاد أجزم أن المملكة العربية السعودية لديها أكثر عدد من القنوات الفضائية، ما بين رسمية وتجارية مملوكة لمواطنين سعوديين، وتقدم برامجها على مدار الساعة، إلا أن من يتابع هذه القنوات يشعر بأن لا دور لها في توعية المجتمع بالشكل المطلوب، وإنما تقدم برامج ترفيهية مثل البرامج الرياضية أو الشعبية كالشعر والتراث أو الغنائية. وصحيح إن مثل هذه البرامج لها رواج لدى البعض، لكن للوطن حقًّا على الجميع، سواء كانوا مسؤولين أو مواطنين أو جهات إعلامية أو إعلاميين؛ للذود عن الوطن وولاة أمره.
وها نحن الآن بعد قرار المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية مقاطعة الحكومة القطرية بسبب دعمها للجماعات والمنظمات الإرهابية والمعارضين للدول الخليجية والعربية والإسلامية والإفريقية فقد جيشت حكومة قطر جيوشها الإعلامية الرسمية وغير الرسمية وقناة الجزيرة والمرتزقة في مواقع التواصل الاجتماعي ضد هذه الدول، سواء في عالمنا العربي والإسلامي، أو العالم كله؛ للتحريض على ولاة أمرها وأنظمتها وكيل التهم والأكاذيب.
وهناك جهود جبارة تقوم بها القنوات السعودية الرسمية والصحف الورقية والإلكترونية لإيضاح الحقائق للعالم عن دعم قطر للإرهاب والجماعات الإرهابية والمعارضين للدولة. ووزير الثقافة والإعلام الدكتور/ عواد بن صالح العواد له جهود بارزة في ذلك، كان آخرها اللقاءات التي عقدها بألمانيا، والتي امتدت لثلاثة أيام، أوضح خلالها حرص المملكة على دعم كل السبل لمحاصرة الإرهاب والقضاء عليه وقطع تمويله نهائيًّا، وقال إنه وجد تفهمًا كبيرًا لدى المسؤولين الألمان لموقف المملكة والدول الأخرى في مقاطعة دولة قطر بعد تزويدهم بالمعلومات التي تثبت ضلوع قطر في تمويل الإرهاب والتطرف ودعمه ورعاية رموزه، واستغلال قناة الجزيرة كمنبر إعلامي يروج للعنف ويشيد بالإرهابيين.
ولا تزال القنوات التجارية غارقة في برامج مستهلكة رياضية أو تراثية وغيرها، وكذلك برامج دينية أحيانًا في شهر رمضان أو عند أوقات الصلاة، يستضاف فيها بعض أصحاب المناهج المنحرفة أو المشبوهة، سواء كانوا مواطنين سعوديين أو عربًا، سبق أن تم استضافتهم بقطر وتركيا لتقديم برامج دينية، وتعطى لهم مساحة لنشر أفكارهم وتقديم برامج (توعوية) في ظاهرها، ويتناولون مواضيع من خلالها يلبسون على المشاهد أنهم أصحاب فكر معتدل ومتزن وهم أبعد ما يكونون عن ذلك، ولكنها قد تنطلي على المشاهد البسيط لكون المشاهد نشأ على الفطرة الدينية وحبه للعلماء وطلبة العلم الشرعي، ولا تجد لهم دورًا في الذود عن المملكة وولاة أمرها وحقها السيادي في حماية أمنها واستقرارها من أي أطماع كانت. وقد اكتفت بعض القنوات بوضع شعارات أو صور لولاة الأمر فقط، أما إقامة برامج واستضافة محللين سياسيين أو اقتصاديين أو كتاب الرأي أو مشاهير التواصل الاجتماعي لبيان وإيضاح الحقائق والرد على الحملات الإعلامية المغرضة فلم نشاهد مثل هذه البرامج، وإن وجد فلم تصل إلى المأمول منها. وإذا كان ليس لديها القدرة لتقديم مثل هذه البرامج فيمكنها الاستعانة بمختصين في هذا المجال أو نقل مشترك مع إحدى القنوات السعودية الرسمية أو الفعالة.
أما فيما يخص البرامج الدينية فهناك تنسيق بين وزارة الثقافة والإعلام ووزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد لاختيار المشايخ وطلبة العلم أصحاب المناهج المعتدلة للظهور بالقنوات السعودية الرسمية.
ونتمنى من القنوات السعودية التجارية الخاصة أن تحذو حذو وزارة الثقافة والإعلام والتنسيق مع وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد لاختيار الأشخاص، سواء معدين أو مقدمين للبرامج الدينية، وكذلك المشايخ؛ لكونها الجهة المخولة للتصريح للمشايخ وطلبة العلم، وإبراز جهود ولاة الأمر في بلادنا - حفظها الله - في جمع كلمة المسلمين والمحافظة على وحدة الصف واجتماع الكلمة والتصدي لمحاولات عبث المفسدين في الأرض، سواء كانوا حكومات أو منظمات إرهابية أو أشخاصًا، الذين ملأ الحقد قلوبهم، ويسعون لبث سمومهم في مختلف بلاد المسلمين، وخصوصًا في هذه الأيام ردًّا على الحملات الإعلامية الموجهة ضد المملكة وولاة أمرها وعلمائها ومسؤوليها. أسأل الله أن يوفق ولاة أمورنا لما فيه خير وأمن ورخاء البلاد والعباد، وأن يوفق علماءنا ورجال أمننا وجنودنا لحماية البلاد من كل شر.