يحدث في كثير من بيئات العمل حين تجد الموظف كل ما يهمه أن يبصم على الحضور والانصراف كي لا يتم خصم شيء من راتبه، ولكنه لا يهتم بما أنجزه في الفترة ما بين بصمة الحضور والانصراف, حيث يكون شغله الشاغل متى سيحل موعد راتبه ومتى يستحق الترقية وزيادة المرتب والعلاوات, بينما تجد الكثير من المعاملات المتكدسة على مكتبه ولا يلقي بالاً بالمراجعين وما يحتاجونه منه فالعمل يكون شيئاً روتينياً يقوم بتأديته بشكل تلقائي, فتجده يأخذ دورات وانتدابات ليس لتطوير ذاته أو لتحسين جودة عمله وتعلم أشياء جديدة، إنما كي تساعده في زيادة مرتبه فقط، ولو سألته عن أي معلومة اكتسبها من تلك الدورات أو خبرة جديدة استفاد منها من خلال تلك الانتدابات، فإنه لا يفقه فيها شيئاً ولا ينقل لعمله أي تجربة أو خبرة جديدة، وإنما يكرر نفس العمل حتى يتقاعد من عمله دون تغيير يذكر, وتجده يبصم في الصباح الباكر كي يحسب له حضور في العمل، بينما هو غائب جسدياً أو فكرياً أو عملياً عن العمل، وكل همه متى يحين موعد بصمة الانصراف، وقد يكون خلال هذه المدة خارج مقر عمله أصلاً أو موجوداً في مكتب أحد زملائه، يتشاركون الإفطار الصباحي أو يتصفحون الإنترنت ومنشغلون بأحداث المباريات والرياضة وأشياء أخرى ليست من اختصاص عملهم، يضيعون بها الوقت حتى يحين موعد انتهاء الدوام الرسمي. وهذا طبيعي لأي بيئة عمل ينعدم فيها قوانين الثواب والعقاب فلا يتم معاقبة المسيء ولا يكافأ فيها المحسن, وليس فيها معايير لتحسين جودة العمل أو حتى قياس لمدى رضا العملاء والمراجعين وتقييم أداء الموظف, وأتمنى من كل قلبي أن تزول كل تلك المظاهر التي تجعلنا نعمل الشيء بشكل تلقائي وروتيني بلا طعم ولا رائحة.
** **
القصيم - بريدة