حمّاد السالمي
«هل بقي بلد عربي واحد لم تعبث به إيران الصفوية؛ ولم تعتد عليه سرًا وعلانية؛ فتتدخل في شؤونه، وتهدد أمنه، وتستهدف منظوماته السياسية والدينية والثقافية..؟!
«بل إن العدوان الصفوي الإيراني؛ وصل إلى كافة المسلمين حتى من غير العرب، إن لم يكن في بلدانهم هناك، ففي قبلتهم المقدسة، وكعبتهم المشرفة، وفي مشاعرهم ومناسباتهم الدينية في الحج والعمرة، وآخر هذا العدوان الآثم على قبلة المسلمين لتخريب حجهم وعبادتهم؛ هو الصاروخ (الباليستي) الموجه من كهوف الحوثيين في اليمن التعيس- الذين هم عملاء إيران، وأذناب القادة الصفويين في طهران- صوب مكة المكرمة قبل عدة أيام، فتصدت له قوات الدفاع الجوي السعودي، ليتناثر في الجو قبل وصوله مكة..؟!
«لا يمر يوم إلا وهناك دليل جديد على تورط الحكم الإيراني في عمليات إرهابية ضد بلد عربي قريب أو حتى بعيد من حدودها. استباحت العراق وسورية ولبنان واليمن، ويفاخر قادتها بسيطرتهم على عواصم هذه الدول الأربع. وتسعى بكل قوة؛ لخلخلة المنظومة الأمنية في دول الخليج العربي، في المملكة العربية السعودية والبحرين والكويت على وجه خاص، ولن تستثن إيران أحدًا من عدوانها الممنهج؛ لا قَطر؛ ولا الإمارات وعُمان. وعلى القادة العقلاء في مجلس التعاون الخليجي؛ الاستعداد لمزيد من التدخلات الإيرانية في شئونهم الخاصة في المستقبل، ذلك أن ذراعها الإرهابية في المنطقة؛ المتمثلة في حزب الله اللبناني؛ تصل إلى أبعد من حدود سورية ولبنان، وتشكل الخلايا الإرهابية نائمة وقائمة، وتنفذ أجندة أسيادها الملالي في زعزعة أمن العرب بكل دقة وإخلاص.
«هل سمعتم بخلية العبدلي..؟ تلك التي تمكنت أذناب إيران من الوصول إلى أفرادها في السجن، وتهريب اثني عشر إرهابيًا منها عبر البحر إلى إيران..؟ من بين أكثر من 25 إرهابيًا هم أعضاء الخلية، يقبعون في السجون. إنها خلية إرهابية تابعة لحزب الله اللبناني. قبضت عليها السلطات الأمنية الكويتية في 13 أغسطس 2015م بمنطقة العبدلي، فماذا وجدت..؟
«قالت وزارة الداخلية الكويتية وقتها؛ إنها ضبطت كمية من الأسلحة مهربة من العراق ومخبأة أسفل منازل قرب الحدود، واعتقلت ثلاثة أشخاص يشتبه بأنهم أعضاء في خلية مرتبطة بحزب الله. واشتملت المضبوطات على 19 ألف كيلوغرام ذخيرة، و144 كيلوغرامًا من المتفجرات، و68 سلاحًا متنوعًا، و204 قنابل يدوية. إضافة إلى صواعق كهربائية، و 56 قذيفة (آر بي جي). كما عُثر في منزل المتهم الثاني الكويتي الجنسية؛ على ثلاث قطع من الأسلحة النارية، وكمية من الذخيرة الحية. في حين؛ عُثر في منزل المتهم الثالث على 3 حقائب، تحتوي على أسلحة وذخائر ومواد متفجرة متنوعة.
«في 15 سبتمبر 2015 م؛ بدأت محكمة الجنايات في الكويت أولى جلسات محاكمة المتهمين، وهم 25 كويتيًا، وإيراني واحد، ووجهت لهم النيابة تهم التخابر مع إيران وحزب الله، بقصد القيام بأعمال عدائية ضد الكويت، من خلال جلب وتجميع وحيازة أسلحة نارية وذخائر وأجهزة تنصت. وفي 12 يناير 2016م؛ قضت محكمة الجنايات الكويتية بإعدام إيراني هارب وكويتي، بتهم منها التخابر لصالح إيران وحزب الله اللبناني، وحيازة متفجرات، كما قضت المحكمة أيضًا بمعاقبة متهم واحد بالمؤبد، ومعاقبة آخرين بفترات سجن مختلفة بين خمس سنوات و15 سنة.
«إن العداء الإيراني المتأصل ضد العرب؛ خاصية في الثقافة الفارسية، وقديم قدم العرب والفرس في المنطقة، وهو داء يتجدد كلما وجد قادة طهران مهمز ضعف في جدار هذا القطر العربي أو ذاك، ولهذا نجدهم حاضرين بقوة في المشهد العربي في يومنا هذا؛ في أكثر من قُطر عربي، يذكون الفتن، ويحييون العصبيات الدينية والمذهبية والعرقية، ويعمدون إلى إضعاف كل دولة عربية على حدة، بحجج واهية، وخطابات مذهبية خبيثة، فهل إيران نفسها عصيّة على الاستهداف بذات الطريقة في عقر دارها؛ بمثل ما تستهدف به جيرانها العرب، من دسائس وفتن وحروب لا أول لها ولا آخر..؟
«لا والله.. إنها لأضعف من أضعف قُطر عربي ولغت فيه بسمها وسميمها، وإن تركيبتها السكانية الفسيفسائية؛ لأوهن من بيت العنكبوت، واقتصادها منهار، والنقمة على حكومتها في الداخل على أشدها، وهي دولة ليست استثناءً من الوهن السياسي والاقتصادي وحتى الاجتماعي. هي دولة عنصرية بامتياز، وتحتضن الجماعات الإرهابية، وتدعمها وتوجه نشاطها في أكثر من مكان في العالم.
«إن دولة عدوانية كهذه، ليس أيسر من الانتصار عليها، ومواجهتها بالسلاح ذاته الذي تستهدف به الآخرين، فالأثنيات العرقية من عربية، وبلوشية، وأوزبكية، وكردية، وأذربيجانية، وخلافها؛ يمكن أن تستيقظ وتتحرك، وترفع صوتها لبيان المظالم التي تتعرض لها، وأن تطالب بحقوقها السياسية والسيادية والدينية، وأن تنال استقلالها وحكم أقاليمها المضطهدة من الفرس.
«إن العرب من جيران إيران؛ وكل المتضررين من العدوان الإيراني السافر على سيادتهم وأمنهم وثقافتهم. كلهم لا ينقصهم المال، ولا تعوزهم الحيلة في مواجهة هذا الداء الصفوي بداء مثله، من المساعدة، ومد العون، ودعم حركات التحرر والمقاومة في عدد من الأقاليم التي تخضع للسلطة الصفوية في إيران. «إن من أيسر الحلول وأسرعها وأجداها لوقف العدوان الفارسي علينا، أن نعمد إلى إشغال إيران في نفسها. فإلى جانب النقمة الدولية المتزايدة اليوم على إيران ووصمها بأنها الراعية الأولى للإرهاب في العالم، ينبغي تحريك الداخل الإيراني ضد ملاليه الفجرة بشتى الطرق. هذا هو عمل الجهات الاستخبارية الذكية، التي تملك اليوم كل الحق في الرد على إيران بالمثل.
«إن النظام السياسي في طهران؛ يمارس العدوان السافر على جيرانه العرب، فيستغل المشاعر الدينية للشيعة العرب باسم المذهب الشيعي، ويمتهن المتعاطفين معه في هذا الاتجاه، لضرب وحدة القطر العربي الواحد، وتفتيت المنظومات السياسية والاقتصادية للعرب بالكل، وجاء الوقت الذي يدرك فيه هؤلاء المتعاطفون؛ أنهم جلادون وضحايا في وقت واحد، والمستفيد الوحيد هو النظام العنصري الفاشي في طهران، وأن الانتقام من حكام طهران؛ حق مشروع لكل عربي أصيل.
«ألا.. ما أصدق شاعرنا العربي أحمد شوقي في هذا البيت:
وَالشَّرُّ إِنْ تَلْقَهُ بِالْخَيْرِ ضِقْتَ بِهِ
ذَرْعًا، وَإِنْ تَلْقَهُ بِالشَّرِّ يَنْحَسِمِ