رقية سليمان الهويريني
يتنامى الوعي الاجتماعي لدى شرائح متعددة من السكان بأهمية المشي للصحة فيعمد بعضهم لممارسته في مضمار مخصص له في الحدائق العامة وسط الأحياء.
وكان فيما مضى حين يرفع أذان العشاء تبدأ سيارات هيئة الأمر بالمعروف بالدوران حول الحدائق العامة فتطلق النداءات الزاجرة للناس لأمرهم بالتوجه للمساجد وأداء الصلاة!
وعندئذ ينقسم المهرولون في المضمار إلى قسمين، حيث يتوجه بعضهم نحو المساجد مباشرة وهم يسبحون بالعرق ليختلطوا بباقي المصلين ويؤذوهم بالروائح، بينما يفضِّل بعضهم ركوب سياراتهم والعودة لمنازلهم للاستحمام رغم أنهم لم يمضوا الوقت الكافي للمشي!
والمدهش ألا أحد يقاوم توجيهات رجل الهيئة الرادعة أو مناقشته لأنه يطلق النداء من خلال المايكرفون ولا يترجّل من سيارته، وقد لا يتفهّم فسحة وقت صلاة العشاء وأن أداءها يتطلب استعداداً بنظافة بدن ولباس ساتر وطمأنينة وخلو ذهن.
مؤخراً؛ وأثناء مروري العابر على مضمارٍ للمشي أثناء إقامة صلاة العشاء؛ فوجئت بخلوه من سيارات الهيئة وبقاء المتنزهين واستمرار المهرولين بأداء حصتهم الرياضية! وتوقفت لأتابع الحدث فشاهدت في ركن الحديقة سجادة كبيرة يمر بها المهرولون والمشاة ويتوقف بعضهم لأداء الصلاة جماعة وفرادى ثم يتابعون جريهم!
وفي داخل الحديقة رأيت رجالاً يؤدون صلاتهم قرب أسرهم دون توجيه أو دفع من أحد، فالصلاة فريضة وهي الركن الثاني بعد الشهادتين ومن لا يصليها بدافع ذاتي وشعور روحاني فلن يجبره أحد!
وما يؤسف له أن بعض العمالة تدخل المسجد ويصلون دون وضوء خوفاً من العقاب! فتحول مشهد رجل الهيئة إلى مصدر فزع بدلاً من مرجع أمن يركن له الخائفون!
إن تنظيم عمل الهيئة وإسناد بعض مهامها للشرطة أحدث تحولاً إيجابياً في سير الحياة الاجتماعية فأصبح المرء لا يخشى من العقاب وهو لم يفعل ما يوجب ذلك، لأن من يدينه شخص لا يحكمه القانون أو النظام وإنما رأي شخصي يحتمل الخطأ والصواب.
إن تقنين التجاوزات الاجتماعية وسن الأنظمة المكتوبة ونشرها يجعل المواطن والمقيم على علم وإدراك بالخطأ ومعرفة العقوبات المترتبة عليها تماماً مثل التجاوزات الأمنية والمرورية، وعندئذ نقول إن المملكة بدأت تتغيَّر!