أ.د.عثمان بن صالح العامر
ليس جديداً الحديث عن علاقة السياسة بالدين أو الإعلام أو الاقتصاد أو الفكر والثقافة أو الفن أو الاجتماع، الجديد على الأقل -بالنسبة لي- توظيف الرياضة من أجل كسب مواقف سياسية، وإبرام الصفقات الرياضية من قِبل الساسة القطريين وبمبالغ خيالية طمعاً في الهروب من وصم الإرهاب الذي علق بهم ولن يفك، يحدث هذا في الوقت الذي تتجه الأنظار العالمية فيه لما سيصير عليه حال البيت الخليجي، بعد كشف ملفات إرهابية دموية مسكوت عنها من قِبل حكومة المملكة العربية السعودية سنوات طويلة، لعل وعسى أن يستيقظ ضمير قطر فيعود ساسته لرشدهم ويطووا صفحات الغدر والخيانة والطعن بالظهر لجيرانهم الأقربين.
إنّ إبرام فريق سان جيرمان الفرنسي أكبر صفقة في تاريخ كرة القدم التي صفق لها رئيس فرنسا واعتبرها صفقة رابحة!!! تتجاوز في حقيقتها قراءة البعض لها على أنها مجرد حدث رياضي، إلى كونها محاولة جادة من قبل حكام قطر وساسته ومستشاريه المعتبرين -الذين يملكون هذا النادي- أقول: إنها في حقيقتها محاولة منهم أن يطرقوا جميع الأبواب، بل يفتحوا حتى النوافذ من أجل أن يكون لهم من خلالها تعزيز سياستهم التدميرية في المنطقة، وتزييف الوعي العالمي - فضلاً عن العربي - لصالح مشروعهم التفتيتي الذي يتكئ صراحة على الإرهاب دعماً وتمويلاً، احتواءً وتسويقاً، فهم مَن:
* وظّفوا الدين توظيفاً سياسياً بشكل فج، ودعموا جماعة الإخوان المسلمين المعروفة في مواقفها السياسية المضادة والمناهضة لسياسة حكام وقادة منطقة الخليج، المناقضة في منطلقاتها الأيديولوجية وتصوراتها الحياتية لعقيدة الإسلام السلفية الوسطية الصحيحة.
* وهم من وظّف الشعر والفن لتسويق أكاذيبهم المكشوفة.
* وهم من جند جيشاً إعلامياً من مرتزقة العرب من أجل قلب الحقائق وتزوير التاريخ، والتدليس على الناس وصرفهم عن المشكلة الأساس إلى معارك جانبية، دون أن يبادر أي من الساسة إلى تكذيب ودحض التهم الموجهة لهم صراحة وبالبراهين والأدلة الدامغة.
إن القارئ لما كتبته الصحافة العالمية وتحدث حياله المحللون الرياضيون والسياسيون يكاد يقطع بأن وراء الأكمة ما وراءها، سواء أكان من قبيل صرف الأنظار عمّا هو حادث اليوم في الساحة الخليجية، وإشغال الشعب القطري بقضايا أخرى غير قضيتهم المصيرية التي يعايشونها صباح مساء، أو أنها محاولة منهم لاستمالة فرنسا ودول الاتحاد الأوروبي لموقفهم الرافض لحل الأزمة بالسِّلم، أو من أجل تعزيز حظوظهم في تنظيم كأس العالم 2030، والتغطية على ملفات الفساد وشراء الذمم التي كثر الحديث عنها هذه الأيام بشكل ينذر بخطر، أو...
إنّ هذه السابقة جعلت قطر تطلق آخر الصيحات السياسية التي جعلت من الرياضة التي عرفتها الشعوب متعة وتسلية، لعبة سياسية تشترى بالمال وبأرقام خيالية حتى أقول لمن لا يعرفني «ها أنا ذا»، ولا أدري ماذا بقي من مجالات الحياة لم تمتطيه السياسة ولم يغازله السياسيون حتى يبقى للعالم من خلاله بصيص أمل لسلام عالمي منتظر. دمتم بخير وإلى لقاء والسلام.