فضل بن سعد البوعينين
كباقي مدن المملكة؛ حظيت العوامية بمشروع تنموي نوعي يهدف إلى تحسين بيئتها السكانية؛ واستكمال خدماتها؛ ورفع كفاءتها وإعادة تخطيط وبناء وسطها الحيوي الذي نزح عنه ساكينه فتحول إلى مبان مهجورة آيلة للسقوط احتلها المجرمون وتجار المخدرات وأعداء الوطن والتنمية من الإرهابيين الموجهين من الخارج.
تطوير حي المسورة أُمنية سكان العوامية، ومحافظة القطيف لما له من انعكاسات تنموية واجتماعية واقتصادية متشعبة؛ فالمدينة التي اشتكى أهلها ندرة المشروعات التنموية حظيت بأهمها في المنطقة والمتوقع أن يتحول حين إنجازه إلى محور التنمية الشاملة، ومنارة تطوير وبناء لما حولها من المدن والبلدات.
هناك علاقة مباشرة بين التنمية السكانية والتنمية المجتمعية والاقتصادية؛ فالارتقاء ببيئة الإنسان وتحسينها ورفع كفاءة خدماتها تسهم بشكل مباشر في تنمية المجتمع؛ ومكوناته البشرية؛ عوضاً عمّا تحققه من دعم لاقتصاد البلدة التي ستحظى بمراكز تجارية جاذبة، ومبان تراثية وثقافية متميزة؛ ومتنزهات مفتوحة ما يجعلها أكثر جذباً للمستثمرين والمطورين الباحثين عن العوائد المجزية. فغالبية مدن محافظة القطيف حظيت بمشروعات استثمارية وتجمعات سكانية خاصة، عدا بلدة العوامية، التي لم تسهم كباقي أخواتها في تحفيز المستثمرين والمطورين للاستثمار فيها؛ ما أفقدها فرصاً تنموية واستثمارية وتعليمية ومجتمعية كثيرة. يبحث المستثمرون والمطورون عن الأمان الاستثماري، والبنى التحتية المتكاملة والانفتاح على المجتمع، وهي متطلبات لا يمكن تحقيقها إلا من داخل البلدة ومجتمعها البشري، وإن حرصت الجهات الخدمية على تحقيقها.
من الواجب على أهالي العوامية الاعتراف بتغلغل أعداء التنمية داخل بلدتهم، ومحاربتهم المشروعات النوعية، ومنها مشروع المسورة، بل ومحاربتهم المرافق التعليمية والصحية والمصرفية والعبث فيها وتعطيلها، وتسببهم في فقدان النشء فرص التعلم والاندماج وحصول شبابها على الفرص الوظيفية والاستثمارية الصغيرة، ودفع بعضهم للجريمة ما أفقد أسرهم أثمن ما وهبهم الله؛ قرة أعينهم وفلذة أكبادهم؛ في الوقت الذي تتمتع فيه أسر محافظة القطيف بأبنائها وتحتفل بتميزهم في التعليم والابتكارات والتجارة والعمل وما ذاك إلا بسبب انفتاحهم على المشروعات التنموية ومطالبتهم بها ودعمها حين ترسيتها ما أنعكس إيجاباً على المجتمع بشكل عام.
لم يعد لأعداء التنمية مكان بيننا؛ فخسارة الأسر أبناءها؛ لن يتوقف عند محيطه الأسري والمجتمعي؛ بل سيتعداه إلى محيط الوطن الذي سيخسر جزءاً من مقوماته البشرية والتي ستتحول مع مرور الوقت إلى أدوات مستدامة لتعطيل التنمية والإضرار بالمجتمع؛ وهذا ما يخطط له أعداء الأمة. لذا أصرت الحكومة على المضي قدماً في تنفيذ مشروع المسورة وتحويله إلى محور تنمية لبلدة العوامية.قدمت الحكومة تعويضات مجزية لملاَّك المنازل المنزوعة لمصلحة المشروع؛ وبادرت لتوفير السكن المناسب للأسر الراغبة في الخروج من البلدة اتقاء لشرور أعداء التنمية الذين جاهدوا من أجل تعطيل المشروع وإلحاق الأذى بأبناء مجتمعهم من سكان البلدة. ثلة من الإرهابيين الموجهين للإخلال بأمن واستقرار محافظة القطيف وبلدة العوامية واستهداف سكانها ومحاصرتهم لضمان بقائهم كدروع بشرية وأدوات تعطيل التنمية؛ واستهداف رجال الأمن بأسلحة نوعية لا تتوفر إلا لجيوش الدول.
وقدَّم صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز؛ أمير المنطقة الشرقية؛ كامل الدعم لتنفيذ المشروع وحماية السكان وتوفير الاحتياجات الأساسية لهم في البلدات المجاورة أو خارجها؛ وأطلق مبادرة تسليم المطلوبين أنفسهم بعد زيارة أعيان ومشائخ العوامية لسموه؛ من أجل تحفيزهم على العودة إلى جادة الصواب؛ وكان من نتائجها المباركة تسليم بعض المطلوبين أنفسهم للجهات الأمنية.
بذلت الدولة كل ما تستطيع من أجل تنمية العوامية والارتقاء بخدماتها وتطوير مرافقها الرئيسة وتعويض ملاَّك العقارات المنزوعة وإسكانهم خارج العوامية دون تحميلهم نفقات السكن؛ وتحلّت بالصبر في مواجهة الإرهابيين وأعداء التنمية؛ رغم الخسائر البشرية التي تعرض لها رجال الأمن؛ وعمليات الاستفزاز الممنهجة؛ إلا أن صبرها لن يستمر إلى ما لا نهاية؛ ولا يمكن لأهالي العوامية أن يُستثنوا من مشروعات التطوير، وأن تسبب بعضهم في محاربتها، فالدولة مصرة على تنفيذ مشروعاتها ومواجهة الإرهابيين بحزم، وهذا ما نراه اليوم ويشهده الجميع.
أثار مشروع المسورة ضغينة أعداء الأمة في الداخل والخارج، فسعوا في تشويهه وشيطنة مضامينه التنموية، وتصدر عملاء الداخل والخارج لبث الرسائل الإعلامية الكاذبة من خلال قنوات الفتنة في إيران وقطر، واجتهد المنعمون في دول الغرب لإبراز مظلومية الأهالي التي اصطنعوها؛ فقامروا بحقوقهم؛ وضحوا بهم من أجل مكاسب مادية يتلقفونها من نظامي إيران وقطر والدول الحاضنة لهم.
وفي المقابل تصدى شرفاء العوامية والقديح من رجال دين ومفكرين لتفنيد تلك الادعاءات الباطلة؛ وإظهار أهمية المشروع للأهالي والمنطقة؛ ومطالبة الإرهابيين بتسليم أنفسهم؛ وأيّدوا الدولة في كل ما تقوم به من إجراءات أمنية لاجتثاث شأفة الإرهاب من العوامية وإعادة الحياة الطبيعية لها.
يكفي أهالي العوامية ما فقدوه من مشروعات تنموية، وأمن وسلام، وما تعرضوا له من استهداف مباشر من قبل الإرهابيين. فالوطن ماض نحو أهدافه التنموية؛ والدولة قادرة على حماية شعبها وفرض سيطرتها التامة على كل شبر من أراضيها ودحر الإرهاب والدول الراعية له؛ بعون الله وتوفيقه.