د. خيرية السقاف
تعوّدت الناس في مواسم الإجازات الرحيل العاجل عن الوطن!!
والعادة حين تتمكن من سلوك الإنسان فلأنها قد أصبحت فكرة راسخة, وشعوراً عارماً, فسلوكاً قائماً..
لن أقول شيئاً كثيراً في الموضوع لأنه مستهلَك, وكثيراً ما كُتب عنه, وكتبنا, وكثيراً ما انتُقدَ ونقدنا, وكثيراً ما عُمِل على جذب هؤلاء الرُّحل في الصيف بمشروعات السياحة, والجذب, والنداءات, وبرامج الترفيه, وبرامج التدريب للصغار, و, و, ولم يحدث أي تغيير في سلوك هؤلاء الرحل, يذكروننا بعادات سكان الصحاري الذين كانوا يترحلون حول منابع الماء, وينزلون منازل نبعها كلما عصف بهم الهجير, وداهمتهم قسوة اليباب, من أجلهم, ومن أجل ماشيتهم ورعيها..
لكن الصحراء عُمِّرت, واليباب أوشك أن يستحيل جِنانا..!
الآن هناك مشاريع كبيرة وشاسعة امتدت إلى الساحل الشمالي, وستأتي إلى جنوب الرياض, ثم ستتجه إلى بقية السواحل حول الوطن, ولسوف تبذل لها الميزانيات الضخمة الكبيرة, وتسخر لها الجهود المختصة والوقت , ولسوف تغدو البلاد شبيهة في قدراتها السياحية بكل الأخرى التي ينجذب لها قومنا, ولا فرق البتة بين أجواء «دبي» مثلاً, و»فينكس» و«الرياض», ولا شواطئ البحر الأحمر, والأبيض, ولا حرارة الجو في الشرق, ولا في الغرب..
السياحة ثقافة ادخار كما هي ثقافة صرف, وسلوك عادة, وفكرة, كما هي سلوك قناعة, وثقة..
ويبقى الإيمان بيقين أنّ الوطن أكثر أماناً, وأصدق غطاء , وأبرد سلاماً , وأدفأ وِجاءً..
متى تتغير عادات الناس في هذا الشأن؟
لعلها أن تفعل حين تستقر فيهم فكرة: «نحن أوْلَى بخيرنا», وتتحول لسلوك قناعة..!
ويبقى للسفر الخارجي هدفٌ رئيسٌ حين يكون للأخذ, والإضافة, وتجديد جداول الخبرة, والاستزادة من الآخر كما قال الشاعر:
«سافر تجد عِوضاً عمَّن تفارقه
وانصب فإنّ لذيذ العيش في النَّصبِ
إني وجدتُ وقوف الماء يُفسده
إنْ سال طابَ وإنْ لم يجْرِ لم يطِبِ»
ويكون له مواسمه المتباعدة, وانتقاءاته المفضلة, وشد الرحال إليه في وقت يكون الفرد فيه عازماً على الإضافة, تلك التي لا يحققها لهاث سنوي لا يستزاد منه سوى حقائب السفر!..